نام کتاب : شمائل النبوة ومكارمها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 18
وأما الثاني؛ فهو المفكر
والشاعر والسياسي الفرنسي [الفونس دي لامارتين[1]] الذي كتب تحت عنوان: (هل هناك من هو أعظم من
محمد؟) يقول: (إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية
والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيّاً من عظماء
التاريخ الحديث بالنبي محمد a.. فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا
القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجاداً بالية لم تلبث أن تحطمت
بين ظهرانِيهم، لكنَّ هذا الرجل لم يقد الجيوش ويسنّ التشريعات ويقم الإمبراطوريات
ويحكم الشعوب ويروّض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث
العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار
والمعتقدات الباطلة.. لقد صبر وتجلّد حتى نال النصر.. كان طموحه موجّهاً بالكلية
إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاته الدائمة
ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل
يدلّ على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين:
الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.. فالشق الأول يبيّن صفة
الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو
المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة
المدّعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة
(بالحكمة والموعظة الحسنة).. هذا هو محمد a الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرّع، المحارب،
قاهر الأهواء، مؤسّس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا
أزلام. هو المؤسس لإمبراطورية روحانية
[1] هو شاعر وسياسي فرنسي. يُعدّ
أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية. خاض غمار السياسة، فتولى رئاسة
الحكومة المؤقتة، بعد ثورة 1848.
نام کتاب : شمائل النبوة ومكارمها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 18