قلت: بل فعلوه، فإن هذه العبارة
القرآنية أصبحت مثلا دارجا يردده العامة والخاصة، وكأن القرآن الكريم جميعا اختصر
فيها.
قال: فقد وقعتم فيما وقع فيه أهل
الكتاب من التحريف، فقد قال تعالى في شأنهم:{ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض}(البقرة: 85)،
قلت: ولهذا أمر تعالى رسوله a أن يحكم المؤمنين بجميع ما أنزل
عليه، قال تعالى:{ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا
تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ إِلَيْكَ }(المائدة: 49)
قال: فهلا اطلعوا على سنن الأنبياء
ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، وكيف كانت حياتهم مليئة بمواقف الزهد فيما في أيدي
الناس، والرغبة فيما في يد الله.
قلت: هم يتخيرون من مواقفهم ما
يخدمون به آراءهم، فلن يعجزهم ذلك، وقد قال تعالى في أهل
الكتاب: {
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا
بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ
وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}(النساء:150)، فهم يؤمنون
ببعض المواقف ويكفرون ببعض.
قال: أوصلت بهم الجرأة إلى الرسل ـ
عليهم الصلاة والسلام ـ