قلت: الصالحون كانوا يطلبون الله ، ويرشدون إلى الله
، ولم يكن يطلبون الدنيا.
قال: وطلب الدنيا وسعتها حجاب الغافلين عن الله، أما
العارفون الفاقهون عن الله ، فلو وضعت الدنيا جميعا في خزائنهم ما شغلتتهم عن الله
لحظة واحدة.. ألم تسمع مقالة سليمان u؟
قلت: أي مقالة؟
قال: لقد قال لله ، وبإلحاح متضرع:{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ
لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ( (صّ: 35)
قلت: بلى.. ولا زلت محتارا في سر هذا الطلب العجيب.
قال: ستفقه سره الأوفى في مفاتيح المدائن.. أما هنا
فاعلم أن سليمان u في غمرة ثقته بحبه الله،
وامتلاء قلبه به ، قال: يا رب ابتلني بما شئت.. بالمال.. بالملك.. بل بالملك الذي
لا يوجد نظيره.. فلن يزيغ بصري عنك ، ولن يطغى.
قلت: لقد فقهت هذا.. ولكني لا أفقه أن أسأل الله
الرزق.. مع أنه رزاق بذاته.. فما حاجتي للطلب؟
قال: الله رزاق ، ومجيب.. فلا ينبغي أن يحجبك اسم عن
اسم.. اعبد الله بأسمائه جميعا.