عطشان
وفيها شربي.. نزلت خلفه، فجرى خائفاً منّي، فنسيت من أنا وجريت وراءه حتّى حصلت
على كتابين.
عندما
وصلت إلى الكنيسة الكبرى بالعبّاسيّة (الكاتدرائيّة المرقسيّة) ودخلت إلى غرفة
النّوم المخصّصة بالمدعوّين رسميّاً كنت مرهقاً من السفر، ولكن عندما أخرجت أحد
الكتابين، وهو (جزء عم) وفتحته وقع بصري على سورة الإخلاص، فأيقظت عقلي وهزت
كياني..
لقد بدأت
أرددها حتى حفظتها، وكنت أجد في قراءتها راحة نفسية واطمئناناً قلبياً وسعادة
روحية، وبينا أنا كذلك إذ دخل عليّ أحد القساوسة وناداني: (أبونا إسحاق)، فخرجت وأنا أصيح في وجهه:﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ دون شعور منّي.
بعد ذلك
ذهبت إلى الإسكندريّة لإحياء أسبوع مولد العذراء يوم الأحد.. وأثناء صلاة القداس
المعتاد، وفي فترة الراحة ذهبت إلى كرسي الاعتراف لكي أسمع اعترافات الشعب الجاهل
الذي يؤمن بأن القسيس بيده غفران الخطايا.
ومن ضمن
من جاء امرأة تعض أصابع الندم، وهي تقول: (إني انحرفت ثلاث مرات، وأنا أمام قداستك
الآن أعترف لك رجاء أن تغفر لي، وأعاهدك ألا أعود لذلك أبداً).. ومن العادة
المتبعة أن يقوم الكاهن برفع الصليب في وجه المعترف ويغفر له خطاياه.
وما كدت
أرفع الصليب لأغفر لها حتى وقع ذهني على العبارة القرآنية الجميلة:﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فعجز لساني عن النطق، وبكيت بكاءً حارّاً،
وقلت: (هذه جاءت لتنال غفران خطاياها منّي فمن يغفر لي خطاياي يوم الحساب والعقاب)
هنا
أدركت أن هناك كبير أكبر من كل كبير، إله واحدٌ لا معبود سواه.
ذهبت على
الفور للقاء الأسقف وقلت له: (أنا أغفر الخطايا لعامة الناس، فمن يغفر لي خطاياي)، فأجاب دون اكتراث: (البابا)، فسألته:
(ومن يغفر للبابا)، فانتفض جسمه ووقف صارخاً وقال: (أنت قسيس مجنون، والذي أمر بتنصيبك مجنون حتّى وإن كان الغريب،
لأنّنا