قلنا له
لا تنصّبه لئلاّ يفسد الشعب بإسلاميّاته وفكره المنحل) بعد ذلك صدر القرار بحبسي
في دير (ماري مينا) بوادي النطرون.
قلت:
أحصل هذا !؟
قال:
حصل ما هو فوق هذا.. لقد أخذوني معصوب العينين، وهناك استقبلني الرهبان استقبالاً
عجيباً كالوا لي فيه صنوف العذاب علماً بأنّني حتّى تلك اللحظة لم أسلم، كل منهم
يحمل عصا يضربني بها وهو يقول: (هذا
ما يصنع ببائع دينه وكنيسته)
استعملوا
معي كل أساليب التعذيب الذي لا تزال آثاره موجودةً على جسدي، وهي خير شاهدٍ على
صحّة كلامي حتّى أنّه وصلت بهم أخلاقهم اللاإنسانيّة أنهم كانوا يدخلون عصا
المقشّة في دبري يوميّاً سبع مرّات في مواقيت صلاة الرهبان لمدّة سبعة وتسعين
يوماً، وأمروني بأن أرعى الخنازير.
وبعد
ثلاثة أشهر أخذوني إلى كبير الرهبان لتأديبي دينياً وتقديم النصيحة لي، فقال: (يا بنيّ.. إن الله لا يضيع أجر من أحسن
عملاً، اصبر واحتسب. ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، قلت في نفسي ليس هذا الكلام من الكتاب
المقدس ولا من أقوال القديسين.
وما زلت
في ذهولي بسبب هذا الكلام حتى رأيته يزيدني ذهولاً على ذهول بقوله: (يا بنيّ نصيحتي لك السر والكتمان إلى أن
يعلن الحق مهما طال الزمان)
لقد
احترت في المعني الذي يشير إليه هذا الرجل، وهو كبير الرهبان، ولم يطل بي الوقت
حتى فهمت تفسير هذا الكلام المحيّر.
لقد دخلت
عليه ذات صباح لأوقظه فتأخر في فتح الباب، فدفعته ودخلت، وكانت المفاجأة الكبرى
التي كانت نوراً لهدايتي لهذا الدين الحق دين الوحدانيّة عندما شاهدت رجلاً كبيراً
في السنّ ذا لحية بيضاء، وكان في عامة الخامس والستّين، وإذا به قائماً يصلي صلاة