تسمرتُ
في مكاني أمام هذا المشهد الذي أراه، ولكنّي انتبهت بسرعة عندما خشيت أن يراه أحد
من الرهبان، فأغلقت الباب.
جاءني
بعد ذلك وهو يقول: (يا بنيّ استر عليّ ربّنا يستر عليك)، ثم أضاف: (أنا منذ 23 سنة على هذا الحال.. غذائي
القرآن.. وأنيس وحدتي توحيد الرحمن.. ومؤنس وحشتي عبادة الواحد القهّار.. الحقّ
أحقّ أن يتّبع يا بنيّ)
بعد
أيّام صدر الأمر برجوعي لكنيستي بعد نقلي من سوهاج إلى أسيوط، لكن الأشياء التي
حدثت مع سورة الإخلاص وكرسي الاعتراف والراهب المتمسّك بإسلامه جعلت في نفسي أثراً
كبيراً، لكني كنت محتارا ماذا أفعل، وأنا محاصر من الأهل والأقارب وممنوع من
الخروج من الكنيسة بأمر (.. !؟)
بعد مرور
عام، جاءني خطاب يأمرني بالذهاب كرئيس للّجنة المغادرة إلى السودان في رحلة
تنصيريّة، فذهبنا إلى السودان في الأوّل من سبتمبر 1979م وبقينا به ثلاثة شهور،
وحسب التعليمات البابويّة بأن كلّ من تقوم اللجنة بتنصيره يسلّم مبلغ 35 ألف جنيه
مصريّ بخلاف المساعدات العينيّة، فكانت حصيلة الذين غرّرت بهم اللجنة تحت ضغط
الحاجة والحرمان خمسة وثلاثين سودانيّاً من منطقة واو في جنوب السودان.
وبعد أن
سلّمتُهم أموال المنحة البابويّة اتّصلت بالبابا من مطرانيّة أم درمان فقال: (خذوهم ليروا المقدسات المسيحيّة بمصر
(الأديرة))، وتم خروجهم من السودان على أساس أنهم
عمّال بعقود للعمل بالأديرة لرعي الإبل والغنم والخنازير وتم عمل عقود صوريّة حتّى
تتمكّن لجنة التنصير من إخراجهم إلى مصر.
بعد
نهاية الرحلة، وأثناء رجوعنا بالباخرة في النّيل، قمت أتفقّد المتنصرين الجدد
وعندما فتحت بعض الأبواب على الباخرة، فوجئت بأن المتنصر الجديد الذي أطلقنا عليه
عبد المسيح