نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 269
في نفر من الشيعة، وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته[1] ويخبط الأرض بمحجنه،
وكان مريضا فأقبل عليه الإمام علي وكانت له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟.. قال:
نال الدهر مني يا أمير المؤمنين وزادنى أو زاد غليلا اختصام أصحابك ببابك، قال:
وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك، والثلاثة من قبلك، فمن مفرط غال، ومقتصد تال، ومن
متردد مرتاب لايدري.. أيقدم أم يحجم؟ قال: (بحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي
النمط الاوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي)، فقال له الحارث: لو كشفت فداك
أبي وأمي الريب عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا، قال: (قدك فانك
امرء ملبوس عليه، إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق فاعرف الحق تعرف
أهله، يا حارث إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحق اخبرك فارعني سمعك
ثم خبر به من كانت له حصافة من أصحابك.. ألا إني عبد الله وأخو رسول الله وصديقه
الأكبر: صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الاول في امتكم حقا فنحن الأولون،
ونحن الآخرون.. ألا وإني خاصته ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره اوتيت فهم الكتاب
وفصل الخطاب، وعلم القرآن، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب
إلى ألف ألف عهد.. وإن ذلك ليجري لي وللمستحفظين من ذريتي كما يجري الليل والنهار
حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وابشرك ياحارث ليعرفني وليي وعدوي في مواطن شتى
ليعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة).. قال الحارث: وما
المقاسمة يا مولاي؟ قال: (مقاسمة النار اقاسمها قسمة صحاحا: أقول هذا وليي فاتركيه،
وهذا عدوي فخذيه)، ثم أخذ الإمام علي بيد الحارث فقال: (خذها إليك يا حارث قصيرة
من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت) قالها