نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 298
فأصبحت الأمة كذلك، وفيهم المجتهدون في العبادة، على تلك الضلالة معجبون
مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم.. وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين، إن
نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصي الله ـ تبارك وتعالى ـ في الباب
الواحد، فيخرج به من الجنة، وينبذ به في بطن الحوت، ثم لاينجيه إلا الاعتراف
والتوبة، فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه، فما
ربحت تجارتهم، وما كانوا مهتدين.
ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده،
فهم مع السادة والكبرة، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا، وذلك مبلغهم
من العلم، لايزالون كذلك في طبع وطمع، لايزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل
كثير، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف، ويعيبون على العلماء بالتكليف،
والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة، إن رأوا تائها ضالا لايهدونه أو ميتا
لايحيونه، فبئس ما يصنعون؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ أخذ عليهم الميثاق في الكتاب
أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به، وأن ينهوا عما نهوا عنه، وأن يتعاونوا على البر
والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان.
فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد، إن وعظت، قالوا: طغت، وإن علموا الحق
الذي تركوا، قالوا: خالفت، وإن اعتزلوهم، قالوا: فارقت، وإن قالوا: هاتوا برهانكم
على ما تحدثون، قالوا: نافقت، وإن أطاعوهم، قالوا: عصت الله عزوجل؛ فهلك جهال فيما
لايعلمون، أميون فيما يتلون، يصدقون بالكتاب عند التعريف، ويكذبون به عند التحريف
فلا ينكرون، أولئك أشباه الأحبار والرهبان، قادة في الهوى، سادة في الردى، وآخرون
منهم جلوس بين الضلالة والهدى، لايعرفون إحدى الطائفتين من الآخرى، يقولون: ما كان
الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو، وصدقوا تركهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على البيضاء ليلها من
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 298