نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 443
ثم فسر ذلك، فقال: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ
الْيَقِينِ (5)
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 5 - 7]، وهذا يدل على أن العلم
الأول كان علما ذهنيا مجردا، وأما العلم الثاني، فانتقل من الذهن إلى البصر
والبصيرة، بحيث أصبح مكشوفا مشاهدا.
وقد ذكر الله تعالى درجة أخرى للعلم أكبر من تينك
الدرجتين، وهي درجة حق اليقين، وقد ذكرها بعد إيراده لأحوال المحتضرين من السابقين
وغيرهم، فقال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95]
وهو يشير بذلك إلى أن الجزاء المعد للمؤمنين وغيرهم،
باختلاف درجته، سيعيشونه حقيقة في تلك اللحظات قبل الاحتضار .. وهذه هي المعرفة
القصوى، وهي المطلوب الأكبر لأصحاب النفوس المطمئنة.
ولهذا؛ فإن المراد من طلب زيادة العلم الذي نص عليه
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، لا يقصد به زيادة عدد
المعلومات فقط، وإنما زيادة اليقين بها، حتى تصبح، وكأنها رأي العين، أو حتى تندمج
مع النفس اندماجا كليا.
ولهذا يخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام، أنه
مع علمه بإحياء الله تعالى للموتى، كما نص على ذلك قوله تعالى على لسانه في حجاجه
مع الملك: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258]
إلا أنه ـ ومع ذلك اليقين ـ طلب المزيد، بتحويل علمه
من علم اليقين إلى عين اليقين، كما قال تعالى حاكيا عنه: {وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ
قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]
وهذا يدل على أن الطمأنينة الإيمانية لا تتحقق بمجرد
علم اليقين، وإنما تتحقق بعين
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 443