موته بذلك [1] ولم يذكر ذلك إسحاق بن الفضل ولا غيره ممن كان يخبر أمره.
وذكر أنّه مات كمدا لما رأى من استخفاف الوليد بأمره، فاللَّه أعلم أي ذلك كان. فاشتدّ وجد محمد بن علي عليه وظهر ذلك في وجهه وشهر به، فقال له داود بن علي: لقد ظهر من جزعك على أبي هاشم شيء ما رأيته ظهر منك عند وفاة أبيك رحمه الله! فقال له: يا أخي إنّ أبا هاشم كان رجلا من ولد علي، وكان يتقدّم أهلي جميعا في شدّة ودّه لي وتعظيمه إياي وما أصبت بأحد كان أعزّ عليّ منه. وأمر أهله فبكوه وأقاموا عليه مأتما، وجمع ما كان ترك فبعث به إلى ورثته بالحجاز مع عروة مولاه. ثم دعا من كان معه من شيعته فعزّاهم به وقال لهم: لئن كنتم أصبتم بموته لقد خصصت بذلك منه، وقد جمعني وإياكم القيام بهذا الأمر وعلمت منه كثيرا ممّا لم تعلموا فاتّقوا الله ربّكم وحافظوا على هذا الحق الّذي سعيتم في إقامته واحفظوا ألسنتكم فلا تطلقوها إلّا في مواضع النفع والغناء وتصبّروا للمكروه فقد قرن بكم، فإن حفظتم ذلك فأنتم شيعتي وخاصّتي وأولى الناس بي في محياي ومماتي. قال إبراهيم بن سلمة: فتكلم ميسرة، وكان من ذوي البصائر، فقال: قد أوصى إليك صاحبنا الّذي كنّا [87 ب] نأتمّ به وذكر أنّ هذا الأمر فيك وفي ولدك، وقد قبلنا ذاك فمرنا بأمرك نقف عليه ولا نتعده. فقال لهم:
أقيموا قليلا حتى يقدم ابن بجير صاحبكم، فأقام القوم على ذلك لا يرى من هناك إلّا أنهم حامّة [2] أبي هاشم يريدون الانصراف إلى أوطانهم. وأقبل ابن [3] بجير من دمشق يقصّ أثر أبي هاشم حتى ورد الشراة، فألفى أبا [1] انظر أنساب الأشراف ج 3 ص 325- 326، ق 1 ص 565، والعقد الفريد ج 4 ص 475- 476. [2] حامة الإنسان خاصته وما يقرب منه. [3] زيادة.