أصلّي معهم وأجلس إليهم. وكان بكير رجلا عاقلا لبيبا، قد جال الآفاق، قال: فقلت لإبراهيم: إذا خلا صاحبك فأعلمه مكاني وسمّني له ولا تذكرني له وعنده أحد. قال: فترقّب خلوته وأخبره بأمره وسمّاه له فعرفه بتسمية ابن بجير اسمه له، وقال: قل له: إذا صليت العتمة فليقم يتنفّل في المسجد حتى تدخل إخوتي حامّتنا منازلهم. قال بكير: ففعلت ذلك، ودخل محمد ابن علي منزله، ودخل أهل بيته منازلهم، حتى إذا لم يبق غيري عاد إليّ إبراهيم بن سلمة فأدخلني عليه فسلّمت تسليما خاصّا، وخبّرته بأمرنا وما صرنا إليه بعد موت أبي رباح [1] ، ودفعت إليه كتاب سالم وكتب أصحابه فقرأها، وترحّم على ابن بجير فأكثر وتوجّع لموته وترحم على أبي رباح [1] ، [91 أ] ثم قال: كم يبلغ أصحابكم بالكوفة؟ قلت: لا يكونون ثلاثين رجلا.
قال: سيكونون ويكثرون. فقلت: إنّا كنّا نتحفظ ونمسك عن الجدّ انتظار الوقت، فقال: قد أصبتم [2] ، وعليك بتجارتك هذه، أظهر الجدّ فيها لا يرى من أنت بين ظهرانيه أنّ شأنك غيرها. قال بكير: فدفعت إليه تسعين ومائة دينار جمعتها شيعة الكوفة. قال: ودفعت إليّ أمّ الفضل طوقا من ذهب وثوبا مرويّا من غزل يدها، وسألتني دفعهما [3] إليه، فكان أول مال حملته الشيعة إلى محمد بن علي مع بكير بن ماهان. قال إبراهيم: فكان إذا تفرّق بنو علي وحامّتهم أرسل محمد إلى بكير فيدخله عليه ويكثر الخلوة به، فقال عبد الله بن علي: قد غلبنا هذا العطّار على أبي عبد الله، فقلت له:
إنّه حسن الحديث، وقد طوّف البلدان، وأخوك يعجبه حديثه. وأزف [1] في الأصل: «أبي رياح» . [2] في كتاب التاريخ ص 250 ب: «فقال: قد أصبتم، وعليك بالدخول إلى خراسان فإن دولتنا مشرقية» . [3] في الأصل: «دفعه» والتصويب من كتاب التاريخ ص 250 ب.