رئيس القوم، وقد لقي الإمامين جميعا [1] ، وعظم قدره في الدعوة، ثم نفذ إلى مرو فدفع إلى سليمان بن كثير راية سوداء، وبعث براية إلى ما وراء النهر مع مجاشع بن حريث الأنصاري، وقيل مع عمرو بن سنان المرادي.
وأقام أبو سلمة بمرو، ونصر بن سيّار يومئذ الوالي، فاضطرب أمر العرب بخراسان، وتعصّبوا وتحزّبوا واقتتلوا وهم متحيرون، وقد قتل الوليد بن يزيد، ولم يأتهم الخبر باجتماع الأمر لغيره، فتمكن أبو سلمة في تلك الأيام ممّا أراد واستثارت [2] الدعوة وقوي أهلها، وبث [3] دعاته ورسله وانصرف، وسليمان بن كثير صاحب أمر الشيعة بخراسان وكامل [119 أ] بن مظفّر يدبّر لهم أمورهم. فطالت الفتنة بين نصر بن سيّار وعلي بن الكرماني ومن كان بها من العرب حتى أضجر ذلك كثيرا من أصحابهما، وجعلت نفوسهم تطّلع [4] إلى غير ما هم فيه وإلى أمر يجمعهم، فتحركت الدعوة: يدعو اليمانيّ من الشيعة اليمانيّ، والربعيّ الربعيّ، والمضريّ المضريّ حتى كثر من استجاب لهم، وكفّوا بذلك عن القتال في العصبية.
وكانت إقامة أبي سلمة هناك أربعة أشهر، ولمّا انصرف ألفى أبا هاشم محبوسا [5] على ما خلّفه عليه، وكانت حمامة بنت بكير أبي هاشم تحت أبي سلمة، فصالح أبو سلمة عنه غرماءه، وكان ما لزمه من الدين في إنفاقه على أهل الدعوة وفي أسفاره وفي أموره، وقد أنفق في ذلك مالا كثيرا لنفسه كان أفاده من السند. وخرج من الحبس وأبو سلمة يومئذ موسر حسن الحال وكان يعالج [1] في ن. م. ص 257 ب «وقد لقي الإمامين محمدا وإبراهيم» . [2] في ن. م. ص 257 ب «وظهرت» . [3] في الأصل: «وثبت» وما أثبتناه من المصدر السابق ص 258 أ. [4] في الأصل «تطلّع» . [5] انظر كتاب التاريخ ص 258 أ.