وكان من عشيرته فشكا إليه حاله في الخراج وباع منه تلك الجارية بثماني مائة درهم، وهي يومئذ حامل بأبي مسلم وهو لا يعلم بحملها. فانطلق عثمان بن يسار من وجهه ذلك فمات، وعلم عيسى بن معقل بحمل الجارية بعد ما فارقه عثمان بن يسار فحصّنها، فولدت أبا مسلم وماتت في نفاسها، فسمي سلما، ولعثمان بن يسار ولد من غير أم أبي مسلم يقال له يسار بن عثمان، وأخوات له. فلمّا تحرك أبو مسلم اختلف مع ولد عيسى بن معقل [123 ب] بقرية فريدين [1] إلى معلم يقال له عبد الرحمن بن مسلم، فلما خرج من الكتّاب، كان يخدم عيسى بن معقل، واسمه سلم، فاتخذه عيسى زنبورا يركب معه حيث ركب ويحمل صاجره في حقوه ويوضّيه، وكان كيّسا ظريفا.
وكان رجل [2] يقال له هاشم بن العلاء ينزل رستاق التيمرة [3] من أرض أصبهان، واتّخذ قرية فيها وسمّاها الحجاز وكانت عنده نعم بنت معقل بن عيسى، فبينا هاشم بن العلاء عند عيسى بن معقل على نبيذ لهم وأبو مسلم يخدمهم ويسقيهم إذ سقى هاشما فرأى في القدح بعض القذى، فضرب به وجه أبي مسلم فأدماه، فقال له عيسى: بئس ما صنعت. فقال هاشم: وما هذا ابن الفاعلة؟ قال عيسى: لقد رأيت لهذا رؤيا لو رأيتها لمعقل ابني كان أحب إليّ من كل مفروح به عظيم. قال هاشم: وما رأيت في منامك؟
قال: رأيت كأنّ آتيا أتاني فقال: من هذا؟ فقلت: سلم غلامي، فقال: إنّ هذا لمن المصطفين الأخيار، على وجهه هلاك الجبّارين ونصرة آل محمد. فلمّا ظهر أبو مسلم كتب إلى عامليه على أصبهان: ابن زريق بن شوذب الشيبانيّ وزياد بن سلمان الخزاعي، أنّ قبلكما رجلا يقال له هاشم بن [1] في الأصل: «فر» . [2] في الأصل: «رجلا» . [3] انظر معجم البلدان ج 1 ص 67 وابن خرداذبه ص 21.