ركب، وولّوا الحرس أبا إسحاق خالد بن عثمان، وولّوا القاسم [1] بن مجاشع القضاء، فكان يصلّي بأبي مسلم ومن معه طول مقامه بالخندق ويقصّ [2] بعد العصر ويذكر جور بني أميّة ومعايبهم وفضل بني هاشم وحقهم، وانتخبوا سبعين رجلا، فكانوا في ذلك حتى قدم على أبي مسلم عمرو بن أعين في أهل الطالقان فكثرت جماعته فزاد في حرسه وصيّر منهم أهل النجدة والقوة وأهل البصائر، فلم يزالوا على ذلك حتى كان من أمره ما كان. وركب أبو مسلم ذات يوم ومعه سليمان بن كثير وكامل وأبو إسحاق ولاهز والقاسم ابن مجاشع، فخرج من الخندق، فسار قليلا ثم وقف، فبينا هو واقف إذ أقبل رجل بيده عصا يريد الخندق، فسار قليلا ثم وقف، فلما نظر إليه أبو مسلم دعاه، فقال: من أنت؟ وما تريد؟ قال: أنا غلام لعاصم بن عمرو السمرقندي، جئتكم راغبا في دعوتكم. فقال له أبو مسلم: أمسلم أنت؟
قال: نعم. قال: اتبعنا إلى الخندق. ورجع إلى الخندق فجمع رؤساء الشيعة ووجوههم يومئذ، فقال: إنّ الله جعل دعوتكم [3] أمنا وعزّا لمن لجأ إليها، فمن دخلها من حرّ أو عبد فقد وجب حقّه عليكم إذ صارت يده مع أيديكم وصحت حرمته [136 ب] وإنّ هذا الرجل ذكر أنّه عبد لعاصم، أقبل إليكم ناصرا لكم، راغبا في دعوتكم، فقد وجب حقّه بذلك عليكم، وقد أعتقه الله الّذي هو أولى به من عاصم، وأيّما عبد أتانا راغبا في أمرنا قبلناه، وكان له ما لنا وعليه ما علينا، فصوّب من حضره رأيه في ذلك. [1] انظر ص 217 من هذا الكتاب. [2] في الأصل «ويقضي» ، والتصويب من كتاب التاريخ ص 264 ب، وانظر الطبري س 2 ص 1968. [3] في كتاب التاريخ ص 264 ب «دولتكم» .