وما أمرت به في اليمن، وإرسالك إليه حجّة لك عليه وفيه رضا من معك من مضر. قال: فقبل أبو مسلم بذلك، وبعث إلى نصر يعرض عليه أمره عرض ترغيب فيه، وأراه الميل إليه. وكان رسوله إليه لاهز بن قريظ [1] فلقي نصرا فكلّمه وأرغبه وأرهبه، فامتنع نصر ونفر من ذلك وقال للاهز:
بئس وافد العشيرة أنت! يدعوني صاحبك إلى أن يعزلني ويتقدمني والسلطان في يدي والنعمة عليّ، لا ولا كرامة. فقال له لاهز: يقدّمك، ويسمع ويطيع لك، ويصلي [139 ب] خلفك وينفذ حكمك. فقال البحتري بن مجاهد- مولى شيبان- كاتب نصر: خدع كخدع الصبيان. قال نصر: ما أفلح من غررتموه [2] ، فانصرف لاهز إلى أبي مسلم فأخبره بما لقي منه [3] .
وذكروا أنّ أبا مسلم بعث إلى نصر وفدا، فيهم أبو الحكم عيسى بن أعين والهيثم بن زياد الخزاعي وأبو البحتري عمر بن معبد الخزاعي، وكتب معهم إلى نصر كتابا يدعوه فيه إلى الطاعة والدخول فيما دخل فيه أهل الدعوة، ويعلمه أنّ هذه الرايات السود التي أظهرها هي التي لم يزل يسمع بها، ويحذره من أن يكون من [4] صرعاها، وأنّه قد وجّه إليه فلانا وفلانا وفلانا، وليسمع منهم. فأتى الوفد نصرا، فدفعوا إليه كتاب أبي مسلم، وعنده سلم بن أحوز المازني ومنصور بن عمر بن أبي الخرقاء [5] السلمي وعقيل بن معقل الليثي ويحيى ابن حصين الرقاشيّ وعبد الله بن حبيب الهجريّ والبحتري بن مجاهد، فقرأ نصر الكتاب، ثم قال: ليتكلم متكلمكم. فقام أبو الحكم عيسى بن أعين، [1] في الأصل: «قرط» . [2] في كتاب التاريخ ص 266 أ «عززتموه» . [3] في الأصل: «به» . [4] زيادة. [5] في الأصل: «أبي الحرفا» . انظر الطبري س 2 ص 1566، 1662.