أو المؤدب الرفيق حتى لا يدخله سأمة فيما يحاول من مصلحتهم. ثم آثرهم بما يجتمع عندك من الفيء، فإنّهم أحقّ به ممّن أقام ولم يصل بالحرب، فإنّ أمر خراسان قد تفاقم، واشتدت شوكة من تجمّع هناك، واستولت السفلة على الأخيار وعلى أهل الدين والحسب للذي كان الله ابتلاهم به من الفرقة والتباين، فأبدلهم الله بذلك مذلّة الأرباب وربوبية العبيد، وفي تعجيلك الجنود عزّ لأهل الطاعة، وذلّ لأهل المعصية. فاستدرك ما قد تفاوت من تفريطك، فإن العراق لك مدد، والأموال لديك كثيرة غير مقبوضة يدك عنها، ولا يحال بينك وبينها، فاجعل ما تمدّهم به من مال وسلاح من قبل فارس، فإنّهم إليه أسرع وعليهم أوسع. وقال نصر بن سيّار يرثي ابنه تميما:
نفى عني العزاء وكنت جلدا ... نكوب فجائع الحدث العظيم
وهمّ أورث الأحشاء وجدا ... لإجلاء الفوارس عن تميم
ومصرعه على قضب الأعادي ... يذبّ عن الجماعة والحريم
وفاء للخليفة وابتذالا ... لنفس من أخي ثقة كريم
فإن يك دهرنا أودى مداه ... بفارسنا المقاتل في الصميم
[160 ب] وإن يشمت بنكبتنا عدوّ ... فما أنا بالضعيف، ولا السئوم [1]
[1] انظر رواية أخرى لأبيات نصر بن سيار في الدينَوَريّ- الأخبار الطوال ص 355.