وكانت الوقعة بجابلق [1] من أرض أصبهان يوم السبت لسبع بقين من رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة. واحتوى قحطبة على عسكر ابن ضبارة وما فيه، فبلغنا أنّه أحصي ما أصابوا فيه من النساء فبلغن بضعة عشر ألف امرأة، حرائر قد سباهن أهل [2] الشام من القرى والمدائن التي كانوا يمرون بها، فلم يعرضوا لحرة أصابوها، وخلّاهن قحطبة وصرفهنّ إلى أوطانهن.
وتصدّع أهل الشام عن أصبهان وقفرت بهم الطرق حتى انتهوا إلى ابن هبيرة، وهو معسكر بالمدائن، وفي ذلك يقول الشاعر:
سما عامر المريّ في يوم جابق [3] ... بزحف بني مروان يطلب بالذحل [4]
[170 أ] إلى فئة جادت لآل محمد ... بأنفسها يوم الكريهة والمحل
هنالك عبّا قحطب الخير جمعه ... وجرّد سيف الحقّ فيهم على رسل
وشدّ عليهم شدّة صيلميّة ... تبدّد منها جمعهم خيفة القتل
وكان [5] له العكيّ خير مؤازر ... يحوط جناح القلب بالخيل والرّجل
فما لبث العكيّ أن هدّ ركنهم ... ببيض رقاق الحدّ محدثة الصقل
وما خار فيها عامر حين عرّدت [6] ... كتائبنا خوف الأسنّة والنبل
حمى ميسرتنا [7] أن تضام وإنّما ... تكشّف أخيار الكماة لدى الفعل
بفتيان صدق ليس فيهم مواكل ... ولا نأكل في الجدّ منهم وفي الهزل [1] في كتاب التاريخ ص 278 أ «بجاپلق» . [2] في ن. م. ص 278 أ «أهل الشام وجنودهم» . [3] ن. م. ص 278 أ «جالق» .
[4] ن. م.: «من ذحل» ص 278 ب. [5] في ن. م.: «فكان» . انظر ص 278 ب. [6] في الأصل: «غرّدت» ، وعردت أي هربت. [7] هكذا.