الباحثة عن حتفها فيقلّ ناصرك، وتقطعك أواصرك، وتطيش سهامك، ويستوعر مرامك، وأقبل قبل السفه الّذي أنت متحيّر في دجنّة طخيائه، وسواد ظلمائه، ولا تظنّ بنفسك ظنّ الأحمق المرتاب، فإنما أنت غدا أو بعده أكيلة أضبع وذئاب، كأنّي بما أصبحت تثق بنفسك قد أسلمك، وبمن أصبح يعدك النصر قد خذلك، فصرت جزور أيسار، كلّ يضرب فيك بسهم فاز قدحه أو خاب، ولو رجع إليك عازب حلمك، ونظرت في الأمور بفهمك، لعلمت أنّه لا يبعدك من هاشم إلّا نفسك، إنّ عبد المطلب لجدّك، وإنّ العبّاس لخالك، وإنّ صفيّة لأمك، وما القرح المعروف إلّا ما أبقى الدواء من الداء، وأيم الله أن لو وكلتم إلى رأيكم، وتركتم وضلال أهوائكم، لقديما أبارتكم [1] الحتوف، وتلعّبت بكم السيوف، ولكنكم كفرتم نعمة من لطف بكم، وأنعلكم، ورفق في السياسة بكم، فاشكر الله يا ابن الزبير شكر من لم يعجل عليه عجلة المبادر، حتى بقيت لهذا الموقف الّذي أظهرت فيه حسكة صدرك وهتكت به الحجاب من سترك بذكرك إنكارنا فضلك، فهل دفعناك [40 ب] عن حقّ أوجبه الكتاب لك. تصفّح كتاب الله واعرضه على قلبك فإن وجدت فيه لمهاجر في الفيء على غيره من أهل الإسلام فضلا، بفريضة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو من أبي بكر بسيرة، فها نحن قد أنكرنا وجحدنا حقّك، وإلّا يكن [2] ذلك، فما موضع الإنكار إذن؟ لا والله يا ابن الزبير! ولكن أردت أن تكون قيصرية كسروية، قبحا لرأيك وسفاهة لحلمك، أبعد الإسلام تستكثر من الدنيا وترغب فيها وتناضل عنها، كالحائن [3] المثبور ما استبقى [4] في الله؟ أما نائما [1] في الأصل: «أتأرتكم» . [2] في الأصل: «وأن لا يكون ذلك» . [3] في الأصل: «للحائن» . [4] في الأصل: «وما استيقاف الله» .