ابن ابركان، ثم اردفه بالعسكر الثانى، وعليه النخارجان، ثم اردفهما بالثالث، وعليه هرمزد جرابزين، فلما اتصل ببسطام فصول العساكر نحوه سار حتى اتى همذان، فأقام بها، ووجه الرجاله الى رءوس العقاب [1] ، ليمنعوا الناس من الصعود والنفوذ.
قال: فاقامت العساكر دون الجبل بمكان يدعى قلوص، وكتبوا الى كسرى يعلمونه ذلك، فخرج كسرى بنفسه في خمسين الف فارس، حتى وافى جنوده وهم معسكرون بقلوص، فأقام عندهم ريثما اراح، ثم سار على رستاق [2] يسمى شراه [3] ، فنفذ منه الى همذان في طريق لا جبل فيه ولا عقبه، حتى افضى الى بطن همذان، فعسكر هناك، وخندق على نفسه.
وسار اليه بسطام في جنوده، فاقتتلوا قتالا شديدا ثلاثة ايام، لا ينهزم احد من الفريقين عن صاحبه، فلما راى كسرى ذلك، قال لكردى بن بهرام جشنس أخي بهرام شوبين لأبيه وأمه، وكان من انصح المرازبه لكسرى، واشدهم له ودا، وأسرعهم في طاعته نهوضا، فقال: قد ترى ما نحن فيه من شده هذه الحروب، وانى قد رجوت الراحة مما نحن فيه بباب لطيف. قال: وما هو ايها الملك؟ قال: ان أختك كرديه امراه بسطام متشوقه [4] لا محاله الى الرجوع الى أهلها ووطنها، وانا اعرف انها ان آثرت قتل بسطام قدرت لطمانينته إليها، ولما بلغنى من صرامتها وأقدامها، وان هي قتلته فلها على ذمه الله: ان أتزوجها واجعلها سيده نسائي، واجعل الملك من بعدي لولد، ان كان لي منها، وانا كاتب على ذلك بخطى، فأرسل إليها حتى تعرض ذلك عليها، وتنظر ما عندها فيه.
قال له كردى: ايها الملك، فاكتب لها بخطك ما تطمئن اليه، وتعرف صدق [1] جمع عقب وهو المرقى الصعب من الجبال. [2] معرب رستا بضم الراء وسكون السين، وهو السواد والقرى. [3] في الأصل: شرا، [4] في نسخه اخرى متشوفه، والتشوف: التطلع والشوق.