responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 153
العبادة وَتَرْكِ مَا كُنَّا نَعْبُدُهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْعُدُولِ عَنْ دِينِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَلِهَذَا قَالُوا (أَتَنْهَانَا أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ - قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي
وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هود: 63] وَهَذَا تَلَطُّفٌ مِنْهُ لَهُمْ فِي الْعِبَارَةِ وَلِينِ الْجَانِبِ وَحُسْنُ تَأَتٍّ فِي الدَّعْوَةِ لَهُمْ إِلَى الْخَيْرِ أَيْ فَمَا ظَنُّكُمْ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا أَقُولُ لَكُمْ وَأَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مَاذَا عُذْرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَمَاذَا يُخَلِّصُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْتُمْ تَطْلُبُونَ مِنِّي أَنْ أَتْرُكَ دُعَاءَكُمْ إِلَى طَاعَتِهِ وَأَنَا لَا يُمْكِنُنِي هَذَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَلَوْ تَرَكْتُهُ لَمَا قَدَرَ أَحَدٌ مِنْكُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِكُمْ أَنْ يُجِيرَنِي مِنْهُ وَلَا يَنْصُرَنِي فَأَنَا لَا أَزَالُ أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَقَالُوا لَهُ أَيْضًا (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) [الشعراء: 153] أَيْ مِنَ الْمَسْحُورِينَ يَعْنُونَ مَسْحُورًا لَا تَدْرِي مَا تَقُولُ فِي دُعَائِكَ إِيَّانَا إِلَى إِفْرَادِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَخَلْعِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ المراد بالمسحرين المسحورين * وَقِيلَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أَيْ مِمَّنْ لَهُ سَحْرٌ وَهِيَ الرِّئَةُ كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَنْتَ بَشَرٌ لَهُ سَحْرٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ هَذَا مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا * وَقَوْلُهُمْ (فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [هود: 154] سَأَلُوا مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِخَارِقٍ يَدُلُّ عَلَى صدق ما جاءهم (قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ عظيم) [هود: 156] وَقَالَ (قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الأعراف: 73] وَقَالَ تَعَالَى: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا) [الإسراء: 59] .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ ثَمُودَ اجْتَمَعُوا يَوْمًا فِي نَادِيهِمْ فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَالِحٌ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَذَكَّرَهُمْ وَحَذَّرَهُمْ وَوَعَظَهُمْ وَأَمَرَهُمْ فَقَالُوا لَهُ إِنْ أَنْتَ أَخْرَجْتَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَأَشَارُوا إِلَى صَخْرَةٍ هُنَاكَ نَاقَةً مِنْ صِفَتِهَا كَيْتَ وَكَيْتَ وَذَكَرُوا أَوْصَافًا سَمَّوْهَا وَنَعَتُوهَا وَتَعَنَّتُوا [1] فِيهَا وَأَنْ تَكُونَ عُشَرَاءَ [2] طَوِيلَةً مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلام أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبْتُمْ أَتُؤْمِنُونَ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ وَتُصَدِّقُونِي فِيمَا أُرْسِلْتُ بِهِ.
قَالُوا نَعَمْ فَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ إِلَى مُصَلَّاهُ فصلى لله عزوجل ما قدر له ثمَّ دعا ربه عزوجل أَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا فَأَمَرَ اللَّهُ عز وجل تلك الصخرة أن تنفظر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا أو على الصِّفَةِ الَّتِي نَعَتُوا فَلَمَّا عَايَنُوهَا كَذَلِكَ رَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا وَمَنْظَرًا هَائِلًا وَقُدْرَةً
بَاهِرَةً وَدَلِيلًا قَاطِعًا وَبُرْهَانًا سَاطِعًا [3] فَآمَنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاسْتَمَرَّ أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم

[1] تعنتوا: تشددوا.
[2] عشراء: التي مضى لحملها عشرة أشهر أو هي كالنفساء من النساء.
[3] قال الرازي في تفسيره ج 18 / 19: وأعلم أن تلك الناقة كانت معجزة من وجوه: الاول: انه تعالى خلقها من الصخرة.
الثاني: انه تعالى خلقها في جوف الجبل ثم شق عنها الجبل.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست