responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 215
مُحِيطٍ) [هود: 84] أَيْ لَا تَرْكَبُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَتَسْتَمِرُّوا فِيهِ فَيَمْحَقَ [1] اللَّهُ بَرَكَةَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ [2] وَيُفْقِرَكُمْ وَيُذْهِبَ مَا بِهِ يُغْنِيكُمْ.
وَهَذَا مُضَافٌ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ وَمَنْ جُمِعَ لَهُ هَذَا وَهَذَا فَقَدْ بَاءَ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ.
فَنَهَاهُمْ أَوَّلًا عَنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ التَّطْفِيفِ وَحَذَّرَهُمْ سَلْبَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَعَذَابَهُ الْأَلِيمَ فِي أُخْرَاهُمْ وَعَنَّفَهُمْ أشد تعنيف.
ثم قال لهم آمراً بعد ما كَانَ عَنْ ضِدِّهِ زَاجِرًا (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أشيائهم وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) [هود: 86] قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ والحسن البصري (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ) أَيْ رِزْقُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَخْذِ أموال الناس * وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ مَا فَضَلَ لَكُمْ مِنَ الريح بَعْدَ وَفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالتَّطْفِيفِ.
قَالَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ وَحَكَاهُ حَسَنٌ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ اعجبتك كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة: 100] يَعْنِي أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْحَلَالِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْكَثِيرِ مِنَ الْحَرَامِ فَإِنَّ الْحَلَالَ مُبَارَكٌ وَإِنْ قَلَّ وَالْحَرَامَ مَمْحُوقٌ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة: 276] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ مَصِيرَهُ إِلَى قُل " رَوَاهُ أَحْمَدُ [3] أَيْ إِلَى قِلَّةٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنَّ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا " * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرِّبْحَ الْحَلَالَ مُبَارَكٌ فِيهِ وَإِنَّ قَلَّ وَالْحَرَامَ لَا يُجْدِي وَإِنْ كَثُرَ وَلِهَذَا قال نبي الله شعيب (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وقوله (وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أَيِ افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ لَا لِأَرَاكُمْ أَنَا وَغَيْرِي (قَالُوا يا شعيب أصلوتك تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [هود: 78] يَقُولُونَ هَذَا عَلَى سبيل الاستهزاء والتنقص والتهكم أصلاتك هَذِهِ الَّتِي تُصَلِّيهَا هِيَ الْآمِرَةُ لَكَ بِأَنْ تَحْجُرَ عَلَيْنَا فَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِلَهَكَ وَنَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا الْأَقْدَمُونَ وَأَسْلَافُنَا الْأَوَّلُونَ [5] ؟ أَوْ أن لَا نَتَعَامَلُ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَرْتَضِيهِ أَنْتَ وَنَتْرُكُ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَأْبَاهَا وَإِنْ كُنَّا نحن نرضاها؟، (إِنَّكَ لَأَنْتَ الحليم الرشيد) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُ جَرِيرٍ يَقُولُونَ ذَلِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ.
(قَالَ يا قوم أر أيتم إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حسنا وما

[1] يمحق: يمحي.
[2] وفي نسخة: ما بأيديكم.
[3] مسند أحمد ج 1 / 395 و 424.
(4) ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 37، 4 / 317، وصححه ووافقه الذهبي، وابن ماجة في سننه رقم 2279.
وأحمد في مسنده ج 2 / 183.
[5] رواه مسلم في 21 / 43 / 47 والبخاري في 34 / 19 - 42 - 43 فتح الباري وأحمد في مسنده 3 / 402 - 403 - 434 ورواه أصحاب السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي.
ورواه مالك في الموطأ.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست