responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 286
فِي ازْدِيَادٍ فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا وَكَانَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةُ فِي لِحْفِ جَبَلٍ غَرْبِيٍّ مِنْهُ عَنْ يَمِينِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) [القصص: 44] وَكَانَ مُوسَى فِي وَادٍ اسْمُهُ طُوًى فَكَانَ مُوسَى مُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةِ وَتِلْكَ الشَّجَرَةُ عَنْ يَمِينِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْغَرْبِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى فَأُمِرَ أَوَّلًا بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ تَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَتَوْقِيرًا لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ.
وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ شِدَّةِ ذَلِكَ النُّورِ مَهَابَةً لَهُ وَخَوْفًا عَلَى بَصَرِهِ ثُمَّ خَاطَبَهُ تَعَالَى كَمَا يَشَاءُ قَائِلًا لَهُ (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [القصص: 30] (إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصلاة لذكري) [طه: 14] أي أنا رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ إِلَّا لَهُ.
ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بدار قرار وإنما الدَّارُ الْبَاقِيَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّتِي لَا بدَّ مِنْ كَوْنِهَا وَوُجُودِهَا (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى) [طه: 15] أَيْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَحَضَّهُ وَحَثَّهُ عَلَى الْعَمَلِ لَهَا وَمُجَانَبَةِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا مِمَّنْ عَصَى مَوْلَاهُ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ مُخَاطِبًا وَمُؤَانِسًا وَمُبَيِّنًا لَهُ أَنَّهُ الْقَادِرُ على كل شئ الذي يقول للشئ كن فيكون.
(وَمَا تلك بيمينك يا موسى) [طه: 17] أي أما هذه عصاك التي نعرفها منذ صحبتها (قَالَ هي عصاي أتؤكؤ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) [طه: 18] أَيْ بَلْ هَذِهِ عَصَايَ الَّتِي أعرفها وأتحققها (قَالَ أَلْقِهَا يا موسى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حية تسعى) [طه: 19 - 20] .
وَهَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ وَبُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى أن الذي يكلمه [هو الذي] يقول للشئ كُنْ فَيَكُونُ وَأَنَّهُ الْفَعَّالُ بِالِاخْتِيَارِ.
وَعِنْدَ أَهْلِ الكتاب أنه سأل برهانا [صادقا] [1] عَلَى صِدْقِهِ عِنْدَ مَنْ يُكَذِّبُهُ مِنْ أَهْلِ مصر فقال له الرب عزوجل مَا هَذِهِ الَّتِي فِي يَدِكَ قَالَ عَصَايَ قَالَ أَلْقِهَا إِلَى الْأَرْضِ (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حية تسعى) [طه: 20] فهرب موسى من قدامها فأمره الرب عزوجل أَنْ يَبْسُطَ يَدَهُ وَيَأْخُذَهَا بِذَنَبِهَا
فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهَا ارْتَدَّتْ عَصًا فِي يَدِهِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) [النمل: 10] أي قد صَارَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً لَهَا ضَخَامَةٌ هَائِلَةٌ وَأَنْيَابٌ تصك [2] وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ فِي سُرْعَةِ حَرَكَةِ الْجَانِّ وهو ضرب من الحيات * يقال الجان والجنان وهو لطيف ولكن سَرِيعُ الِاضْطِرَابِ وَالْحَرَكَةِ جِدًّا فَهَذِهِ جَمَعَتِ الضَّخَامَةَ وَالسُّرْعَةَ الشَّدِيدَةَ فَلَمَّا عَايَنَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَلَّى مُدْبِرَاً) أَيْ هَارِبًا مِنْهَا لِأَنَّ طَبِيعَتَهُ الْبَشَرِيَّةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أَيْ وَلَمْ يلتفت [3] (فناداه ربه) قائلا (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ)

[1] ما بين معكوفين سقطت من النسخ المطبوعة.
[2] في نسخة: تصطك.
[3] في تفسير القرطبي: عن مجاهد: لم يرجع.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست