responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 290
وَمُحْدِثٍ وَخَالِقٍ.
وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
(قَالَ) أَيْ فِرْعَوْنُ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ أُمَرَائِهِ وَمَرَازِبَتِهِ وَوُزَرَائِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالتَّنَقُّصِ لِمَا قَرَّرَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السلام إلا تسمعون يَعْنِي كَلَامَهُ هَذَا قَالَ مُوسَى مُخَاطِبًا لَهُ وَلَهُمْ (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [الشعراء: 26] أَيْ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ فِي الْآبَادِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ نَفْسَهُ وَلَا أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ وَلَمْ يَحْدُثْ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ وَإِنَّمَا أَوْجَدَهُ وَخَلَقَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
وَهَذَانِ الْمَقَامَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: 53] وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ يَسْتَفِقْ فِرْعَوْنُ مِنْ رَقْدَتِهِ وَلَا نَزَعَ عَنْ ضَلَالَتِهِ بَلِ اسْتَمَرَّ عَلَى طُغْيَانِهِ وَعِنَادِهِ وَكُفْرَانِهِ (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ.
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تعقلون) [الشُّعَرَاءِ: 27 - 28] أَيْ هُوَ الْمُسَخِّرُ لِهَذِهِ الْكَوَاكِبِ الزَّاهِرَةِ [1] .
الْمُسَيَّرُ لِلْأَفْلَاكِ الدَّائِرَةِ.
خَالِقُ الظَّلَّامِ وَالضِّيَاءِ.
وَرَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ رَبُّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ خَالِقُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ السَّائِرَةِ وَالثَّوَابِتِ الْحَائِرَةِ خَالِقُ اللَّيْلِ بِظَلَامِهِ وَالنَّهَارِ بِضِيَائِهِ وَالْكُلُّ تَحْتَ قَهْرِهِ وَتَسْخِيرِهِ وتسييره سائرون وفلك يَسْبَحُونَ يَتَعَاقَبُونَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَيَدُورُونَ فَهُوَ تَعَالَى الْخَالِقُ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ.
فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَجُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَانْقَطَعَتْ شُبَهُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ قَوْلٌ سِوَى الْعِنَادِ عَدَلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ سُلْطَانِهِ وَجَاهِهِ وَسَطْوَتِهِ (2) (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ.
قَالَ أَوَلَوْ جئتك بشئ مُبِينٍ.
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) [الشعراء: 29 - 33] وَهَذَانِ هُمَا الْبُرْهَانَانِ اللَّذَانِ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمَا وَهَمَا الْعَصَا وَالْيَدُ.
وَذَلِكَ مَقَامٌ أَظْهَرَ فِيهِ الْخَارِقَ الْعَظِيمَ الَّذِي بَهَرَ بِهِ الْعُقُولَ وَالْأَبْصَارَ حِينَ أَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ.
أَيْ عَظِيمُ الشَّكْلِ بَدِيعٌ فِي الضَّخَامَةِ وَالْهَوْلِ وَالْمَنْظَرِ الْعَظِيمِ الْفَظِيعِ الْبَاهِرِ حَتَّى قِيلَ إِنَّ فرعون لما شاهد ذلك وعاينه أخذه رهب شَدِيدٌ [3] وَخَوْفٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ إِنَّهُ حَصَلَ لَهُ إِسْهَالٌ عَظِيمٌ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فِي يوم وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَتَبَرَّزُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَانْعَكَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ * وَهَكَذَا لَمَّا أَدْخَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدَهُ فِي جَيْبِهِ وَاسْتَخْرَجَهَا أَخْرَجَهَا وَهِيَ كَفِلْقَةِ الْقَمَرِ تَتَلَأْلَأُ نُورًا يَبْهَرُ الْأَبْصَارَ فَإِذَا أَعَادَهَا إلى جيبه [واستخرجها] [4] رَجَعَتْ إِلَى صِفَتِهَا الْأُولَى.
وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لم ينتفع

[1] في نسخة: المنيرة.
وفي أخرى: النيرة: (2) قطع فرعون المحاورة مع موسى، لما انقطعت عنده الحجة ; ولم يقل له ما دليلك علي إن هذا الاله أرسلك لان فيه الاعتراف بأن ثم إلها آخر غيره ; فتوعده بالسجن، وفي ذلك ضعف منه وتراجع ; ولم يخفه موسى بل كان في منتهى اللطف به والطمع في إيمانه قَالَ: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بشئ مبين.
لكنه كما قال مالك: دعاه إلى الإسلام أربعين سنة.
[3] في نسخة: أخذته رجفة شديدة.
وفي أخرى: أخذه رعبه.
[4] سقطت من النسخ المطبوعة.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست