responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 311
هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ لَمَّا تَمَادَى قِبْطُ مِصْرَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ وَعِنَادِهِمْ، مُتَابَعَةً لِمَلِكِهِمْ فِرْعَوْنَ، وَمُخَالَفَةً لِنَبِيِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَقَامَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ الْحُجَجَ الْعَظِيمَةَ الْقَاهِرَةَ، وَأَرَاهُمْ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مَا بَهَرَ الْأَبْصَارَ وَحَيَّرَ الْعُقُولَ، وَهُمْ مع ذلك لا يرعون وَلَا يَنْتَهُونَ وَلَا يَنْزِعُونَ وَلَا يَرْجِعُونَ، وَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ.
قِيلَ ثَلَاثَةٌ وَهُمُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَلَا عِلْمَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ بِخَبَرِهَا، ومؤمن آل فرعون، الذي تقدمت حِكَايَةُ مَوْعِظَتِهِ وَمَشُورَتِهِ وَحُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَالرَّجُلُ النَّاصِحُ، الَّذِي جَاءَ يَسْعَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: (يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) قَالَهُ ابْنُ عبَّاس فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَمُرَادُهُ غَيْرُ السَّحَرَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا من القبط * وقيل بل آمن طَائِفَةٌ مِنَ الْقِبْطِ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةُ كُلُّهُمْ وَجَمِيعُ شَعْبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ
مِنْ فِرْعَوْنَ وملائهم أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) [يونس: 83] فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) عَائِدٌ عَلَى فِرْعَوْنَ [1] لِأَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ عَلَى مُوسَى لِقُرْبِهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي التَّفْسِيرِ وَإِيمَانُهُمْ كَانَ خُفْيَةً لِمَخَافَتِهِمْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَسَطْوَتِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَسُلْطَتِهِ وَمِنْ ملائهم أَنْ يَنِمُّوا عَلَيْهِمْ إِلَيْهِ فَيَفْتِنَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ) أَيْ جَبَّارٌ عَنِيدٌ مُسْتَعْلٍ بِغَيْرِ الْحَقِّ (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) [2] أي في جيمع أُمُورِهِ وَشُئُونِهِ وَأَحْوَالِهِ وَلَكِنَّهُ جُرْثُومَةٌ قَدْ حَانَ انْجِعَافُهَا [3] وَثَمَرَةٌ خَبِيثَةٌ قَدْ آنَ قِطَافُهَا وَمُهْجَةٌ مَلْعُونَةٌ قَدْ حُتِمَ إِتْلَافُهَا.
وَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مُوسَى (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ.
فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [يونس: 84 - 86] يأمرهم بالتوكل على الله والاستمالة بِهِ وَالِالْتِجَاءِ إِلَيْهِ فَأْتَمَرُوا بِذَلِكَ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ فَرَجًا وَمَخْرَجًا.
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 87] أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنْ يَتَّخِذُوا لِقَوْمِهِمَا بُيُوتًا مُتَمَيِّزَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ عَنْ بيوت القبط ليكونوا على أهبة في الرَّحِيلِ إِذَا أَمَرُوا بِهِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بُيُوتَ بعض وقوله (وَاجْعَلُوا

[1] قال القرطبي: عن ابن عباس: من قومه: يعني من قوم فرعون، منهم مؤمن آل فرعون وخازن فرعون وامرأته وماشطة ابنته وامرأة خازنه.
وقيل: هم أقوام أباؤهم من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل فسموا ذرية.
قال الفراء: وعلى هذا فالكفاية في قومه: ترجع إلى موسى للقرابة من جهة الامهات، وإلى فرعون إذا كانوا من القبط.
[2] قال القرطبي: أي المجاوزين الحد في الكفر، لانه كان عبدا فادعى الربوبية.
[3] انجعافها: استئصالها وإهلاكها.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست