responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 311
عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ- مِنْ فِيهِ- قَالَ كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ أَهْلِ قرية يقال لها جى وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ الله اليه، فلم يَزَلْ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ، حَتَّى كُنْتُ قَطِنَ النَّارِ الَّتِي يُوقِدُهَا لَا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً قَالَ وَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالَ فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانِي هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي، فَاذْهَبْ إِلَيْهَا فَاطَّلِعْهَا، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ. ثُمَّ قَالَ لِي وَلَا تَحْتَبِسْ عَنِّي فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَنِّي كُنْتَ أَهَمَّ إِلَيَّ مَنْ ضَيْعَتِي وَشَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِي. قَالَ فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ الَّتِي بَعَثَنِي إِلَيْهَا فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ. وَكُنْتُ لَا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا سَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَتْنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبَتْ فِي أَمْرِهِمْ.
وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدِّينِ الَّذِي نحن عليه، فو الله مَا بَرِحْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي فَلَمْ آتِهَا. ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا بِالشَّامِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ كُلِّهِ. فَلَمَّا جِئْتُ قَالَ أَيْ بُنَيَّ أين كنت ألم أكن أعهد إليك ما عهدته؟ قال قلت يا أبة مَرَرْتُ بِأُنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي ما رأيت من دينهم فو الله مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ أَيْ بُنَيَّ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكِ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ قُلْتُ كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَخَيْرٌ مِنْ دِينِنَا. قَالَ فَخَافَنِي فَجَعَلَ فِي رِجْلِي قَيْدًا ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ. قَالَ وَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ. قَالَ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنَ الشام فجاءوني النصارى فأخبروني بهم.
فقلت إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَآذِنُونِي قَالَ فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ عِلْمًا؟ قَالُوا الْأُسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ. قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ وَأَخْدِمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ فَأُصَلِّي مَعَكَ. قَالَ ادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ فَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فيها، فإذا جمعوا له شيئا كَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطَهِ الْمَسَاكِينَ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ، قَالَ وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ. ثُمَّ مَاتَ وَاجْتَمَعَتْ لَهُ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ. فَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فيها فإذا جئتموه بها كنزها لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا. قَالَ فَقَالُوا لِي وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ، قَالُوا فَدَلَّنَا. قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ فَاسْتَخْرَجُوا سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةً ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا لَا نَدْفِنُهُ أَبَدًا قَالَ فَصَلَبُوهُ وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ. وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخر فوضعوه مكانه. قال سَلْمَانُ فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلَا أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا أَدْأَبُ لَيْلًا وَنَهَارًا. قَالَ فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست