responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 33
مِنْ أَمْرِهِمْ وَتَوَجَّهُوا إِلَى بِلَادِهِمْ رَاجِعِينَ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فِي هَدْمِ الطَّاغِيَةِ، فَخَرَجَا مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى إِذَا قَدِمُوا الطَّائِفَ أَرَادَ الْمُغِيرَةُ أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا سُفْيَانَ فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ ادْخُلْ أَنْتَ عَلَى قَوْمِكَ وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَالِهِ بِذِي الْهَرْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمُغِيرَةُ علاها يضربها بالمعول وقام قومه بنى مُعَتِّبٍ دُونَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُرْمَى أَوْ يُصَابَ كَمَا أُصِيبَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ وَخَرَجَ نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقلن:
لنبكين دَفَّاعْ، أَسْلَمَهَا الرُّضَّاعْ، لَمْ يُحْسِنُوا الْمِصَاعْ [1] قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَيَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: وَالْمُغِيرَةُ يَضْرِبُهَا بالفأس وآها لك آها لك، فَلَمَّا هَدَمَهَا الْمُغِيرَةُ وَأَخَذَ مَالَهَا وَحُلِيَّهَا أَرْسَلَ إلى أبى سفيان فقال إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَقْضِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَخِيهِ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالِدِ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ دَيْنَهُمَا مِنْ مال الطاغية يقضى ذَلِكَ عَنْهُمَا.
قُلْتُ: كَانَ الْأَسْوَدُ قَدْ مَاتَ مُشْرِكًا وَلَكِنْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِذَلِكَ تَأْلِيفًا وَإِكْرَامًا لِوَلَدِهِ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ كَانُوا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَلَمَّا قَدِمُوا أَنْزَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ لِيَسْمَعُوا الْقُرْآنَ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرِّبَا وَالزِّنَا وَالْخَمْرِ فَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرَّبَّةِ مَا هُوَ صَانِعٌ بِهَا؟ قَالَ «اهْدِمُوهَا» قَالُوا هَيْهَاتَ لَوْ تَعْلَمُ الرَّبَّةُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَهْدِمَهَا قَتَلَتْ أَهْلَهَا، فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا ابن عبد يا ليل مَا أَجْهَلَكَ، إِنَّمَا الرَّبَّةُ حَجَرٌ. فَقَالُوا إِنَّا لم نأتك يا ابن الْخَطَّابِ، ثُمَّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَوَلَّ أَنْتَ هَدْمَهَا أَمَّا نَحْنُ فَإِنَّا لَنْ نَهْدِمَهَا أَبَدًا، فَقَالَ «سَأَبْعَثُ إِلَيْكُمْ مَنْ يَكْفِيكُمْ هَدْمَهَا» فَكَاتَبُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَأْذَنُوهُ أَنْ يَسْبِقُوا رُسُلَهُ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا جَاءُوا قَوْمَهُمْ تَلَقَّوْهُمْ فَسَأَلُوهُمْ مَا وَرَاءَكُمْ فَأَظْهَرُوا الْحُزْنَ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا جَاءُوا مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ فَظٍّ غَلِيظٍ قَدْ ظَهَرَ بِالسَّيْفِ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَقَدْ دَوَّخَ الْعَرَبَ، قَدْ حَرَّمَ الرِّبَا وَالزِّنَا وَالْخَمْرَ، وَأَمَرَ بِهَدْمِ الرَّبَّةِ، فَنَفَرَتْ ثَقِيفٌ وَقَالُوا لَا نُطِيعُ لِهَذَا أَبَدًا، قال فتأهبوا لِلْقِتَالِ وَأَعِدُّوا السِّلَاحَ، فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ يَوْمَيْنِ- أَوْ ثَلَاثَةً- ثُمَّ أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرَجَعُوا وَأَنَابُوا وَقَالُوا ارْجِعُوا إِلَيْهِ فَشَارِطُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَصَالِحُوهُ عَلَيْهِ قَالُوا فَإِنَّا قَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ وَوَجَدْنَاهُ أَتْقَى النَّاسِ وَأَوْفَاهُمْ وَأَرْحَمَهُمْ وَأَصْدَقَهُمْ، وَقَدْ بُورِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي مَسِيرِنَا اليه وفيما قاضيناه فافهموا الْقَضِيَّةِ وَاقْبَلُوا عَافِيَةَ اللَّهِ، قَالُوا فَلِمَ كَتَمْتُمُونَا هَذَا أَوَّلًا؟ قَالُوا أَرَدْنَا أَنْ يَنْزِعَ اللَّهُ مِنْ قُلُوبِكُمْ نَخْوَةَ الشَّيْطَانِ، فَأَسْلَمُوا مَكَانَهُمْ وَمَكَثُوا أَيَّامًا ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَفِيهِمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَعَمَدُوا إِلَى اللَّاتِ وَقَدِ اسْتَكَفَّتْ ثَقِيفٌ رِجَالُهَا ونساءها وَالصِّبْيَانُ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنِ الْحِجَالِ وَلَا يَرَى عَامَّةُ ثَقِيفٍ أَنَّهَا مَهْدُومَةٌ وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَخَذَ الْكِرْزِينَ- يَعْنِي الْمِعْوَلَ- وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: وَاللَّهِ لَأُضْحِكَنَّكُمْ مِنْ ثقيف،

[1] في السهيليّ: إذ كرهوا المصاع، أي أسلمها اللئام حين كرهوا القتال والمصاع الضرب.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست