responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 29
فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ. ثُمَّ أَرْسَلَ الْمُثَنَّى إِلَى مَنْ بِالْعِرَاقِ مِنْ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَمِدُّهُمْ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ بِالْأَمْدَادِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمَدَدٍ كَثِيرٍ فِيهِمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، فِي قَوْمِهِ بَجِيلَةَ بِكَمَالِهَا، وَغَيْرُهُ مِنْ سَادَاتِ المسلمين حتى كثر جيشه.
وقعة البويت الَّتِي اقْتَصَّ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْفُرْسِ
فَلَمَّا سمع بذلك أمراء الفرس، وبكثرة جُيُوشِ الْمُثَنَّى، بَعَثُوا إِلَيْهِ جَيْشًا آخَرَ مَعَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ مِهْرَانُ فَتَوَافَوْا هُمْ وَإِيَّاهُمْ بمكان يقال له «البويت» قَرِيبٌ مِنْ مَكَانِ الْكُوفَةِ الْيَوْمَ وَبَيْنَهُمَا الْفُرَاتُ.
فَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا، أَوْ نُعْبَرَ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَلِ اعْبُرُوا إِلَيْنَا. فَعَبَرَتِ الْفُرْسُ إِلَيْهِمْ فَتَوَاقَفُوا، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فَعَزَمَ الْمُثَنَّى عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا عَنْ آخِرِهِمْ لِيَكُونَ أَقْوَى لَهُمْ، وَعَبَّى الْجَيْشَ، وَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى كُلِّ رَايَةٍ مِنْ رَايَاتِ الْأُمَرَاءِ عَلَى الْقَبَائِلِ وَيَعِظُهُمْ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ والصبر والصمت. وَفِي الْقَوْمِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ فِي بَجِيلَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الْمُثَنَّى لَهُمْ: إِنِّي مُكَبِّرٌ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ فَتَهَيَّئُوا، فَإِذَا كَبَّرْتُ الرَّابِعَةَ فَاحْمِلُوا. فَقَابَلُوا قَوْلَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالْقَبُولِ. فَلَمَّا كَبَّرَ أَوَّلَ تَكْبِيرَةٍ عَاجَلَتْهُمُ الْفُرْسُ فَحَمَلُوا حَتَّى غَالَقُوهُمْ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَرَأَى الْمُثَنَّى فِي بَعْضِ صُفُوفِهِ خَلَلًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يَقُولُ: الْأَمِيرُ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ ويقول لكم: لا تفضحوا العرب الْيَوْمَ فَاعْتَدَلُوا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ- وَهُمْ بَنُو عِجْلٍ- أَعْجَبَهُ وَضَحِكَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَادَاتِكُمْ، انْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ. وَجَعَلَ الْمُثَنَّى وَالْمُسْلِمُونَ يَدْعُونَ اللَّهَ بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ. فَلَمَّا طَالَتْ مُدَّةُ الْحَرْبِ جَمَعَ الْمُثَنَّى جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ الْأَبْطَالِ يَحْمُونَ ظَهْرَهُ، وَحَمَلَ عَلَى مِهْرَانَ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَيْمَنَةَ، وَحَمَلَ غُلَامٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ نَصْرَانِيٌّ فَقَتَلَ مِهْرَانَ وَرَكِبَ فَرَسَهُ. كَذَا ذَكَرَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَلْ حَمَلَ عَلَيْهِ الْمُنْذِرُ بْنُ حَسَّانَ بْنِ ضِرَارٍ الضَّبِّيُّ فَطَعَنَهُ وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَاخْتَصَمَا فِي سَلْبِهِ، فَأَخَذَ جَرِيرٌ السِّلَاحَ وَأَخَذَ الْمُنْذِرُ مِنْطَقَتَهُ. وَهَرَبَتِ الْمَجُوسُ وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ أكتافهم يفصلونهم فصلا. وَسَبَقَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْجِسْرِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ لِيَمْنَعَ الْفُرْسَ مِنَ الْجَوَازِ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ. فَرَكِبُوا أَكْتَافَهُمْ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وتلك الليلة، ومن أبعد إِلَى اللَّيْلِ فَيُقَالُ إِنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَغَرِقَ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَالًا جَزِيلًا وَطَعَامًا كَثِيرًا، وَبَعَثُوا بِالْبِشَارَةِ وَالْأَخْمَاسِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَدْ قُتِلَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بَشْرٌ كَثِيرٌ أَيْضًا. وَذَلَّتْ لِهَذِهِ الْوَقْعَةِ رِقَابُ الْفُرْسِ وَتَمَكَّنَ الصَّحَابَةُ مِنَ الْغَارَاتِ فِي بِلَادِهِمْ فِيمَا بَيْنَ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ فَغَنِمُوا شَيْئًا عَظِيمًا لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ. وَجَرَتْ أُمُورٌ يطول ذكرها بعد يوم البويت وكانت هذه الواقعة بِالْعِرَاقِ نَظِيرَ الْيَرْمُوكِ بِالشَّامِ. وَقَدْ قَالَ الْأَعْوَرُ الشَّنِّيُّ الْعَبْدِيُّ فِي ذَلِكَ: -

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست