responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 53
فَقَبِلَ مِنْهُمْ خَالِدٌ وَكَفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ خَلَصَ إِلَى الْبَلَدِ فَتَحَصَّنُوا فِيهِ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ إِنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّحَابِ لَحَمَلَنَا اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَوْ لَأَنْزَلَكُمْ إِلَيْنَا. وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ وللَّه الْحَمْدُ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ مَا صَنَعَهُ خَالِدٌ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ رِيبَةٍ وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يُوكَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَقَهْقَرَ هِرَقْلُ بِجُنُودِهِ، وَارْتَحَلَ عَنْ بِلَادِ الشَّامِ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ وَقَالَ سَيْفٌ: كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، قَالُوا: وَكَانَ هِرَقْلُ كُلَّمَا حَجَّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَخَرَجَ مِنْهَا يَقُولُ عَلَيْكِ السَّلَامُ يَا سُورِيَّةُ، تَسْلِيمَ مُوَدِّعٍ لَمْ يقض منك وطرا وَهُوَ عَائِدٌ. فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ مِنَ الشام وبلغ الرها، طَلَبَ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَصْحَبُوهُ إِلَى الرُّومِ، فقالوا: إن بقاءنا هاهنا أَنْفَعُ لَكَ مِنْ رَحِيلِنَا مَعَكَ، فَتَرَكَهُمْ. فَلَمَّا وصل إلى شمشاط وعلا على شرف لك الْتَفَتَ إِلَى نَحْوِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَالَ: عَلَيْكِ السَّلَامُ يَا سُورِيَّةُ سَلَامًا لَا اجْتِمَاعَ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْكِ تَسْلِيمَ الْمُفَارِقِ، وَلَا يَعُودُ إِلَيْكِ رُومِيٌّ أَبَدًا إِلَّا خَائِفًا حَتَّى يُولَدَ الْمَوْلُودُ الْمَشْئُومُ، وَيَا لَيْتَهُ لَمْ يُولَدْ. مَا أَحْلَى فِعْلَهُ وَأَمَرَّ عَاقِبَتَهُ عَلَى الرُّومِ!! ثُمَّ سَارَ هِرَقْلُ حَتَّى نَزَلَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَاسْتَقَرَّ بِهَا مُلْكُهُ، وَقَدْ سَأَلَ رَجُلًا مِمَّنِ اتَّبَعَهُ كَانَ قَدْ أُسِرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَقَالَ: أُخْبِرُكَ كَأَنَّكَ تَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، هُمْ فُرْسَانٌ بِالنَّهَارِ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ، لَا يَأْكُلُونَ فِي ذِمَّتِهِمْ إِلَّا بِثَمَنٍ، وَلَا يَدْخُلُونَ إِلَّا بِسَلَامٍ، يَقِفُونَ عَلَى مَنْ حَارَبُوهُ حَتَّى يَأْتُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِي لَيَمْلِكُنَّ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ.
قُلْتُ وَقَدْ حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَلَمْ يَمْلِكُوهَا وَلَكِنْ سَيَمْلِكُهَا الْمُسْلِمُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي كِتَابِ الْمَلَاحِمِ، وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ بِقَلِيلٍ عَلَى مَا صِحَّتِ بِهِ الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الرُّومِ أَنْ يَمْلِكُوا بِلَادَ الشَّامِ بِرُمَّتِهَا إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، كَمَا ثَبَتَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ كَمَا رَأَيْتَ، وَسَيَكُونُ مَا أَخْبَرَ بِهِ جَزْمًا لَا يَعُودُ مُلْكُ الْقَيَاصِرَةِ إِلَى الشَّامِ أَبَدًا لِأَنَّ قَيْصَرَ عَلَمُ جِنْسٍ عِنْدَ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ مَلَكَ الشَّامَ مَعَ بِلَادِ الرُّومِ. فَهَذَا لَا يَعُودُ لَهُمْ أَبَدًا.
وَقْعَةُ قَيْسَارِيَّةَ
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمِرَ عُمَرُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى قَيْسَارِيَّةَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَيْسَارِيَّةَ فَسِرْ إِلَيْهَا وَاسْتَنْصِرِ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست