responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 65
الْمَاءِ، وَاتَّبَعَهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ فَسَاقُوا وَرَاءَهُمْ حَتَّى طَرَدُوهُمْ عَنِ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَوَقَفُوا عَلَى حَافَّةِ الدِّجْلَةِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَنَزَلَ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ عَاصِمٍ مِنِ السِّتِّمِائَةِ فِي دِجْلَةَ فَخَاضُوهَا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَقَاتَلُوا مَعَ أَصْحَابِهِمْ حَتَّى نَفَوُا الْفُرْسَ عَنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْكَتِيبَةَ الْأُولَى كَتِيبَةَ الْأَهْوَالِ، وَأَمِيرُهَا عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْكَتِيبَةَ الثَّانِيَةَ الْكَتِيبَةَ الْخَرْسَاءَ وَأَمِيرُهَا الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو. وَهَذَا كُلُّهُ وَسَعْدٌ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ الْفُرْسَانُ بِالْفُرْسِ، وَسَعْدٌ وَاقِفٌ عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ. ثُمَّ نَزَلَ سَعْدٌ بِبَقِيَّةِ الْجَيْشِ، وَذَلِكَ حِينَ نظروا إلى الجانب الآخر قد تَحَصَّنَ بِمَنْ حَصَلَ فِيهِ مِنَ الْفُرْسَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَمَرَ سَعْدٌ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَاءِ أَنْ يَقُولُوا:
نَسْتَعِينُ باللَّه وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. ثُمَّ اقْتَحَمَ بِفَرَسِهِ دِجْلَةَ وَاقْتَحَمَ النَّاسُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ، فَسَارُوا فِيهَا كَأَنَّمَا يَسِيرُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حتى ملئوا مَا بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلَا يُرَى وَجْهُ الْمَاءِ مِنَ الْفُرْسَانِ وَالرَّجَّالَةِ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ كَمَا يَتَحَدَّثُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْأَمْنِ، وَالْوُثُوقِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَوَعْدِهِ وَنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَلِأَنَّ أَمِيرَهُمْ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَحَدُ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ، وَدَعَا لَهُ. فَقَالَ «اللَّهمّ أَجِبْ دَعْوَتَهُ، وَسَدِّدْ رَمْيَتَهُ» وَالْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ سَعْدًا دَعَا لِجَيْشِهِ هَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ بِالسَّلَامَةِ وَالنَّصْرِ، وَقَدْ رَمَى بِهِمْ فِي هَذَا الْيَمِّ فَسَدَّدَهُمُ اللَّهُ وَسَلَّمَهُمْ، فَلَمْ يُفْقَدْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ وَاحِدٌ غَيْرَ أَنَّ رَجُلًا وَاحِدًا يُقَالُ لَهُ غَرْقَدَةُ البارقي، ذلك عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، فَأَخَذَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو بِلِجَامِهَا، وَأَخْذَ بِيَدِ الرَّجُلِ حَتَّى عَدَلَهُ عَلَى فَرَسِهِ، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ، فَقَالَ: عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو. وَلَمْ يُعْدَمْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ غَيْرَ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ عَامِرٍ، كَانَتْ عَلَاقَتُهُ رَثَّةً فَأَخَذَهُ الْمَوْجُ، فَدَعَا صَاحِبُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: اللَّهمّ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ بَيْنِهِمْ يَذْهَبُ مَتَاعِي. فَرَدَّهُ الْمَوْجُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَقْصِدُونَهُ فَأَخَذَهُ النَّاسُ ثُمَّ رَدُّوهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِعَيْنِهِ. وَكَانَ الْفَرَسُ إِذَا أَعْيَا وَهُوَ فِي الْمَاءِ يُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ النَّشْزِ الْمُرْتَفِعِ فَيَقِفُ عَلَيْهِ فَيَسْتَرِيحُ، وَحَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْخَيْلِ لَيَسِيرُ وَمَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى حِزَامِهَا، وَكَانَ يَوْمًا عَظِيمًا وَأَمْرًا هَائِلًا، وَخَطْبًا جَلِيلًا، وَخَارِقًا بَاهِرًا، وَمُعْجِزَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَلَقَهَا اللَّهُ لِأَصْحَابِهِ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَلَا فِي بُقْعَةٍ مِنَ الْبِقَاعِ، سِوَى قَضِيَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ الْمُتَقَدِّمَةِ، بَلْ هَذَا أَجَلُّ وَأَعْظَمُ، فَإِنَّ هَذَا الْجَيْشَ كَانَ أَضْعَافَ ذَلِكَ. قالوا: وكان الّذي يساير سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَاءِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، فَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَاللَّهِ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ وَلِيَّهُ وَلَيُظْهِرَنَّ اللَّهُ دِينَهُ، وَلَيَهْزِمَنَ اللَّهُ عَدُوَّهُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَيْشِ بَغْيٌ أَوْ ذُنُوبٌ تَغْلِبُ الْحَسَنَاتِ.
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ الْإِسْلَامَ جَدِيدٌ. ذُلِّلَتْ لَهُمْ وَاللَّهِ الْبُحُورُ كَمَا ذُلِّلَ لَهُمُ الْبَرُّ، أَمَا وَالَّذِي نفس سلمان

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست