نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 113
من عصر الأسرة الرابعة: "كل صانع عمل في مقبرتي أرضيته". وردد آخرون في نصوصهم قولهم: "أنفقت على قبري هذا من متاعي الحلال، ولم يحدث إطلاقًا أني اغتصبت متاع شخص ما". وقال غيرهم في نصوصهم: "أرضيت كل الصناع الذين أتموا لي عملًا في هذا القبر بالطعام والشراب وكل شيء طيب". وقال بعض من تولوا رياسة الأتباع والصناع: "لم أضرب إنسانًا وقع تحت يدي، ولم أستعبد أحدًا في العمل"[1]. وليس من شك في أن أمثال هذه الأقوال لا تخلو من مبالغات يستقبل الشخص بها حياته الأخرى، ولكن ليس من شك كذلك في أنها لا تخلو من إثارات صدق، وأنها تدل على وجود وازع ديني كان يدعو الأثرياء إلى حسن معاملة الأتباع والأجراء واكتساب الصيت الطيب من وراء ذلك.
فهل كان الفراعنة بدورهم ينفقون على دور أخراهم، أي أهرامهم ومعابدها بسخاء ومن متاع حلال؟ وهل كانوا يعملون عن طريق ممثليهم من رؤساء العمل على إرضاء من يعملون في أهرامهم ويحرصون على إحسان معاملتهم، مثل رعاياهم الأتقياء الأغنياء؟ ذلك أمر لا نستطيع أن نؤكد جوابًا معينًا بشأنه، في ضوء النصوص المعرفة حتى الآن، ولكن يمكن أن نشير من ناحية أخرى إلى أن النصوص الدينية التي سجلت في أهرام الفراعنة منذ نهاية عصر الأسرة الخامسة وعرفت باسم متون الأهرام قد ألمحت مرات إلى أن الفرعون إنما كان يندمج بين أرباب الآخرة وحكامها على أساس ما يثبت عن قيامه بالعدل في أرضه ودنياه وعمله على صوالح رعاياه[2].
كان هرم خوفو جزءًا من مجموعة معمارية واسعة، خدمت صاحبها وخدمت فن العمارة وخدمت عقائد الدين، وكان من الضروري أن يتناسق كل عنصر فيها مع بقية العناصر، ويكمل كل جزء منها بقية الأجزاء. وتألفت هذه المجموعة من نفس العناصر الرئيسية التي تألفت منها مجموعة أبيه في دهشور، أي من معبد الشعائر ومعبد الوادي والطريق الواصل بينهما، فضلًا عن عناصر أخرى فرعية، مثل هرم صغير إلى الجنوب الشرقي من الهرم الأكبر. لا يزال غرضه غير معروف حتى الآن، وسور كبير يحيط بالهرم وتوابعه القريبة، وعدة أهرام لزوجات الملك، وعدد من مقابر كبار رجال المملكة حرص أصحابها على أن يدفنوا حول هرم فرعونهم؛ تقربًا منه، وإرضاء لولي عهده، ودلالة على ولائهم والتفافهم حوله، ورغبة منهم في أن يبعثوا في معيته في الحياة الثانية على نحو ما كانوا في معيته في الحياة الأولى، ورغبة منهم في انتفاع موائد قرابينهم بخيرات المعبدين الملحقين بهرمه. ورغبة منهم كذلك في انتفاع مقابرهم بحالة الأمن والعمران التي كانت تكفلها كثرة الحراس والكهان والأتباع الذين يعيشون حول هرمه ويعملون في معبديه.
وخضعت مصاطب كبار رجال الدولة حول الهرم لتخطيط مرسوم، فخصص شرقي الهرم لمصاطب [1] Urk., I, 23, 8; 49; 50, 1-2; 70, 5-7; 236; 269, 11; 271; D. Dunham, Jea, XXIV, 5-6. [2] A. Morete, "Le Jugement Du Roi Dans Les Texres Des Pyramides" L'annuaire De L' Ec. Det Hautes Etudes, 1922-23, 1-32; La Nil ….., 215; Breasted, The Daw Of Conscience, 127-128.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 113