نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 140
رحلات الكشف في الجنوب:
عبر المصريون في الدولة القديمة عن أهل النوبة باسم عام وهو "نحسيو" "ومنه أتى اسم بانحسي أي النوبي وخرج به العبرانيون ونطقوه فنحاس". واعتادوا على أن يعبروا عن مناطقها بأسمائها المحلية مثل: واوات وإيام، وإرثة، ومعخز، ومجا، وكاو[1]. وازدادت علاقاتهم بها باستمرار نتيجة لاعتبارات كثيرة، أهمها: اعتبار المصريين منطقة النوبة السفلى الممتدة جنوب أسوان جزءًا متممًا لحدودهم الجنوبية، ورغبتهم في تأمين الحياة عندهم والحد من شغب قبائلها غير المستقرة التي كثيرًا ما دعاها الفقر إلى الاعتداء على مراكز الحدود وقوافل التجارة، وعملهم على استغلال محاجرها الممتازة، كمحاجر الديوريت التي بدأ استخدامها منذ عصر الأسرة الرابعة على أقل تقدير، وربما استغلال مناجم الذهب في مناطقها الشرقية "[2]، ورغبتهم في فتح أسواق للتبادل التجاري في مناطقها المسكونة، ثم رغبتهم في اتخاذها سبيلًا ووسيطًا للاتصال بأراضي السودان الغنية بمنتجاتها الطبيعية ونباتاتها وحيواناتها. وكانوا يصدرون إليها فيما تذكر نصوصهم الدهون العطرة والعسل الأبيض والمنسوجات والزيوت ومصنوعات القاشاني، ويستوردون منها وعن طريقها الماشية والعاج والأبنوس وريش النعام وجلود الضباع والفهود وربما الذهب والغلال أيضًا، ووضحت هذه الصلات والرغبات خلال عصر الأسرة السادسة على هيئة بعثات كشفية ورحلات تجارية وحملات تأديبية. وتكفل بأعمال الكشف وترويج التجارة حينذاك، عدد من كبار حكام أسوان، جمعوا فيما يحتمل بين الدم المصري والدم النوبي وعرفوا اللهجات النوبية والسودانية وتفاهموا بها مع أهلها، وحملوا [1] A. H. Gardiner, Anc. Eg. Onomastica, I, 47 F. ;Junker, Jea, Vii, 121 F. J. Yoyott, Bifao, Lii, 176 ;D. Dixon, Jea, 1958, 40, 120 ; F. Edel, Age. Stud., 51 F. Kush, Vi, 39 F. Gardiner, Op. Cit., 134. [2] هناك رأي بأنهم لم يستغلوا ذهب النوبة قبل الدولة الوسطى.
فن التصوير في أن يعكس مظاهر هذا التحرر على مناظر الحياة اليومية التي صورها الفنانون على جدران القبور. ويتضح بعض هذا التحرر في ثلاث لوحات صورها الفنانون لراقصين وراقصات في مناظر الجيزة وسقارة. فقد صورت اللوحة الأولى فتياتها يرتدين ملابس نصفية ويرفعن سيقانهن في رشاقة واتزان يشبهان بعض أوضاع الباليه. وصورت الثانية جواريها بملابس نصفية شفافة هفهافة تكشف عما تحتها، وصورتهن ينثنين إلى الخلف في دلال لإظهار رشاقتهن. وأظهرت الثالثة جواريها عاريات في مجموعات ثلاثية ترفع الواحدة فيها ساقها العارية حتى تلامس بها كتف أختها[1]. ويتضح من المقارنة بين هذه اللوحات الثلاث، إلى أي حد تدرجت حرية الفنانين حينذاك في التعبير عن أوضاع الراقصات، وإلى أي حد تدرجت الراقصات في تأدية الحركات الجريئة وفي التخفف من الثياب، بعد أن كانت لوحات الرقص في مناظر النصف الأول من الدولة القديمة تتوخى الحشمة في تصوير الراقصات وتسجيل حركاتهن البطيئة الرتيبة. [1] عبد العزيز صالح: الفن المصري القديم – لوحة 29.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 140