نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 222
ختم رسالته بقوله: وهل إذا طلب الملك امرأتي أستطيع أن أمنعها؟ وإذا كتب إليَّ أن اضرب قلبك بخنجر ومت، فهل أخالف أمر مولاي؟ "[1]. وعندما لقي لابآيو حتفه خلفه في الشر والنفاق ولداه.
وتوالت الرسائل على آخناتون تفيض نفاقًا، فأصبح لا يعرف المخلص منها من المخادع، فبينما كتب إليه أحد الحكام يشكو إليه حاكم أورشليم عبدوخيبا ذا الأصل الحوري، ويقول له إذا كان لابآيو قد مات فقد ظهر بدله عبدوخيبا[2]، بعث عبدوخيبا هذا برسائل تفيض بالولاء للملك والشكوى من جيرانه ومن العابيرو وكان يكرر فيها أنه يتمنى أن يقابل الفرعون ويرى عينيه ويتمنى أن يموت لديه، ويعترف بأنه ما ولي منصبه عن أبيه ولا عن أمه ولكن بفضل الملك، ويخبره بأنه عمل كل ما في وسعه ولكن تخلى الكل عنه، وأنه إذا لم تصله إمدادات مولاه ضاعت منه أرضه[3].
بدأت كل هذه الخلخلة في أواخر عهد أمنحوتب الثالث، واشتدت في عهد ولده آخناتون "نفر خبرو رع" كما رأينا، في وقت انصرف فيه هذا الأخير إلى دعوة الوحدانية "راجع فصل عقائد الدين" وظن معها أن الدعوة لإله واحد يعبده الجميع ويتساوى عنده الجميع يمكن أن تربط بين مصر وبين أتباعها وجيرانها بروابط أوثق من كل ما جربه أسلافه من روابط الحرب والسياسة والمصاهرة، ولكن فاته أن الشرق أصبح في شغل شاغل بمخاوفه وأطماعه عن دعوة التوحيد والإخاء والمساواة التي دعا إليها. وأحاط بآخناتون عدد مداهن من رجال حاشيته طمأنوه إلى بأس جيشه، ورحموا اعتلال صحته فأخفوا عنه تذمر قادته وخوفهم من ضياع سمعة البلاد وتفسخ أملاكها، كما أحاط به عدد آخر من غير المصريين خدعوه عن حقيقة مجريات الأمور في الخارج وتواطئوا مع مخادعيه فيها، وكان منهم رجل يدعى توتو، راسله أحد المنافقين ذات مرة قائلًا له: "لا أستطيع أن أنحرف عن كلمات سيدي وربي وشمسي، ولا أحيد عن كلمات سيدي توتو ... ، فأنا أخشى مولاي الملك وأخاف توتو ... ".
وظلت سياسة مصر الخارجية مائعة متدهورة خلال عهود خلفاء آخناتون الأقربين: سمنخ كارع "عنخ خبرو رع"، وتوت عنخ آمون "نب خبرو رع"، وآي "خبر خبرو رع". ولم يجد جديد عليها إلا بولاية حور محب "جسر خبرو رع"، الذي مثل عهده فترة انتقالية بين عصر الأسرة الثامنة عشرة وبين عصر الأسرة التاسعة عشرة. وكان فيما أسلفنا من قادة الجيش في عهد آخناتون، وخاض معركتين على الأقل في عهده وعهد توت عنخ آمون، وكان الجديد في أيامه، هو أنه عاصره في حكم الحيثيين الملك مورسيل "الثالث" وقد مال إلى السلام، فاستجاب حور محب له، وربما حدثت بينهما هدنة، تفرغ حور محب بعدها للإصلاح الداخلي في بلده. [1] Op. Cit., 254, Also 252. [2] Ibid., No. 280. [3] Ibid., 286, 287, 288.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 222