نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 229
وعمر رمسيس الثاني ما يقرب من تسعين عامًا، ونعم بحكم طويل بلغ سبعة وستين عامًا، واستمتع في حياته الخاصة بأكثر مما استمتع به الفراعنة الذين سبقوه، وبز أمنحوتب الثالث المزواج في عدد زوجاته وجواريه، وأنجب عددًا كبيرًا من الأبناء قدر بعض المؤرخين أنهم بلغوا 59 بنتًا و79 ولدًا أو مائة ولد. غير أن هذا التقدير ونحوه لا يخلو من شك كبير، ولا يبعد أن بعض من اعتبرهم المؤرخون أبناءه كانوا من بيته المالك فحسب، أي من أقربائه الصغار الذين انتسبوا إليه تشرفًا، وخدع المؤرخين في نسبهم أن اللقب المصري "سانيسو" بمعنى ابن الملك، ولقب "سات نيسو" بمعنى "بنت الملك"، لم يكن أحدهما يختلف عن لقب الإمارة العادي لبقية أفراد الأسرة المالكة الذين لم يكن يتميز عنهم بلقبه غير ولي العهد. وقد تنقلت ولاية العهد في أيام رمسيس بين ثلاثة عشر ولدًا من صلبه، مات اثنا عشر منهم في حياته، وكان أشهرهم خعمواس الذي اكتسب سمعة واسعة في عصره بعلمه الديني وبإشرافه على إنشاء كثير من آثار أبيه وتنظيم أعياده[1].
وقع العبء الأكبر في ملاقاة الحيثيين "الخاتيين" على مصر في عهد رمسيس الثاني، وكان على رأس الحيثيين حينذاك ملك يسمى موتاللي لم يقل عن رمسيس طموحًا ورغبة في إثبات جبروت دولته، فاستعد للحرب وسخر لها معظم إمكانيات مملكته وجمع حوله جيوشًا تنتمي، فيما ذكرت المصادر المصرية، إلى ما لا يقل عن عشرين طائفة وجنسية، وبدأ توسعه بهم حتى بلغ نهر الكلب شمالي بيروت. وأعد رمسيس عدته هو الآخر، وخرج في حملة استطلاعية خلال عام حكمه الرابع ووصل بجيشه نهر الكلب الحد الفاصل بين نفوذه وبين نفوذ خصومه، وهناك أمر بنقش نصبين على جبل يشرف على أعالي النهر ويطل على البحر؛ تذكارًا لحملته وتحديًا لأعدائه القريبين منه. واتخذت جيوش الحيثيين وحلفاؤهم مدينة قادش مركزًا لعملياتها الحربية، وكانت لها نفس الأهمية الطبيعية والاستراتيجية التي وصفناها لا خلال حروب تحوتمس الثالث، من حيث وقوعها بين ثلاث مساحات مائية وإشرافها على وادي النهر الكبير وتحكمها في مدخل وادي البقاع وأحد طرق التجارة مع بلاد النهرين.
وعاد رمسيس لملاقاة الحيثيين وحلفائهم في العام التالي بجيش بلغ نحو عشرين ألف مقابل في أربعة فيالق سمي كل فيلق منها باسم أحد الأرباب المصريين الكبار: آمون، ورع، وبتاح، وست. وعندما بلغ الجيش أرض آمور تخير رمسيس مجموعة من صفوة الشبان في جيشه عرفوا باسم نعرن أو نعرونا بمعنى فرق الفتوة أو شيئًا قريبًا من ذلك، وأوصاهم بالتزام خطوط الساحل وبأن يتخيروا الفرص المناسبة لحماية ظهره ونجدته حين الحاجة. ثم تقدم جيوشه بفيلق آمون حتى بلدة شابتونا "ربلة" وانتظر ما يعود إليه به عيونه، وهناك واجهته خديعة كلفته هو وجيشه كثيرًا من الجهد والرجال؛ إذ وفد على معسكره جاسوسان ادعيا أنهما هربا من جيش الحيثيين الظلمة خلسة، وأن ملكهم تراجع عن قادش وعسكر في منطقة حلب. وانخدع رمسيس برواية الرجلين وظنها فرصته واعتزم الإسراع إلى قادش قبل عودة أعدائه إليها [1] Griffith, Stories Of The High Pirests, 2 F.; Petrie, A Histreoy Of Eygpt, Iii, 8 F.; Drioton & Lauer, Asae, 1937, 102 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 229