نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 290
الجرذان أفشت وباء الطاعون بين الآشوريين فأهلك خلقًا كثيرًا منهم وأوهن الباقين فانسحبوا[1]، وإن كان توقيت هذه الحادثة لا زال يتراوح بين عام حصار أورشليم في هذه المرة، وبين عام تخريب سينا خريب لمدينة لاشيش "لخيش" الفلسطينية ومحاولته الوصول إلى الحدود المصرية بعد أحد عشر عامًا "راجع تاريخ العراق فيما يلي".
وتكرر تأييد مصر لحلفائها في الشام خلال عهد تاهرقة "خو نفرتم رع"، لا سيما مدينة صور التي استعصت على الآشوريين فترة طويلة. وفي سبيل التفرغ للمشكلات الشمالية ترك تاهرقه نباتا لنوابه فيها، وترك طيبة لأميرها المحلي وحليفه المصري منتومحات، واستمد من آمون سندًا لمقاومة أعدائه[2]. وكان أهم ما قدمه لأمون خلال عهده الذي كان أطول عهود حكام العصر واستمر 26 عامًا، هو الصرح الخارجي الكبير الذي لا زال يتقدم معابده في الكرنك، والسور الضخم الذي يحيط بها. وتعددت آثاره أكثر من سابقيه في مصر ونباتا. ثم ركز اهتمامه السياسي في عواصم الشمال، لا سيما منف وتانيسن واستقر في هذه الأخيرة استعدادًا للانطلاق منها إلى الشمال الشرقي حيث الشام وآشور، حين تتهيأ الأسباب أو تدعو الضرورة.
وحتى هذه المرحلة كان حكام العصر يعتقدون أنهم نهضوا بمصر من كبوة طويلة وحاولوا أن يحيوا تراثها القديم في الكفر والدين والفنون. ولعل أفضل ما يذكره التاريخ لأيامهم في هذا السبيل هو إعادة تسجيل المذهب المنفي على لوحة حجرية صلبة في عهد شاباكا بعد أن أتت الأرضة عى نسخته القديمة ولعلها كانت من البردي أو من الرق. والغريب أن لوحة عهد شاباكا هذه عندما كشف عنها في العصر الحديث كان قد اتخذها طحان حجرًا لطاحونه فحطم من نصوصها ما لم يحطمه الزمن منها. وجارت مدارس الفن بفروعه المختلفة ما ذهب فن عصرها إليه، ورأت سبيل النهضة في العودة إلى أساليب عهود الازدهار القديمة، فقلد فنانوها أساليب فن الدولة القديمة، وأساليب فن الدولة الوسطى، وأساليب فن عصر الرعامسة، ثم حاول بعضهم أن يخرجوا من هذه الفنون بأسلوب جديد. واستحبوا التماثيل فراعنتهم الأسلوب الواقعي الذي يشبه ما تخيرته المدرسة الطيبية لتماثيل ملوكها خلال الدولة الوسطى، بعد أن أخرجوه بما يناسب عصرهم. وتبقى من خير ما نحتوه فراعنتهم ثلاث رءوس: رأس الفرعون شاباكا، ورأسان للفرعون تاهرقه، وعبرت ملامح كل رأس من هذه الرءوس عن السمات الشخصية لصاحبها، وصورت بالطابع الجنوبي الذي اكتسبته أسرته الملكية خلال إقامتها الطويلة قرب الشلال الرابع. وهكذا أظهر الفنانون رأس شباكا بوجه متسع وشفتين ممتلئتين وأنف عريض أفطس، وأظهروا وجه تاهرقه بعنق غليظة ووجه عريض وشفتين ممتلئتين وشعر مفلفل. [1] Cf., L.L Honor, Sennacherib’s Invasion Of Palestine, 1926; J. Lewy, Olz, 1928, 159 F.; U. Ungand, Zaw, Lix, 199 F. [2] Cf., Kienitz, Die Politische Geschichte Aegyptens Vom 7 Bls Zum 4 Jahrhundert Vor Der Zeitwende, Berlin, 1953, 7; Bifao, Li, 28.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 290