نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 435
الشيخ عانقه جلجميش وأخذ يسأله عما شهده في العالم السفلي عن مصير أصحاب الأولاد وشهداء الحرب والذي لم يدفن والذي حرم من القربان ... إلخ.
وصور أحد الألواح السومرية مصير أورنمو ملك أور حين نزل العالم السفلي "كور" فاسترضى أربابه السبعة الكبار بالقرابين، كلًّا منهم في قصره، وترضى كاتبهم، واستقر في قصره حيث رحب الموتى به، وحيث زاره جلجميش الذي غدا بعد قاضيًا في العالم السفلي ولقنه مراسيم العالم الآخر، ولكن ما انقضت سبعة أيام ثم عشرة حتى حن أورنمو إلى مدينته التي لم يكمل أسوارها، وإلى قصره الذي تركه دون تطهير، وإلى زوجته وولده، وأخذ يتسمع نحيب بلاد سومر عليه وينتحب لبكائها[1].
عرفت دور العالم عند السومريين باسم بيوت الألواح "أي - دبا" سواء في ذلك إن كانت دورًا للتعليم فعلًا أم كان مجرد خزائن للكتب "مع شيء من التجوز في التعبير عن الألواح باسم الكتب". وكان المشرف عليها يُدعى أوميا، أي الخبير، ويلقب بلقب أبي الدار إذا كان معلمًا، ويشاكه في إشرافه على تلاميذه وعقابهم عريف أو أكثر. ولم يعثر بعد على مبانٍ يمكن القطع باعتبارها مدارس فعلية، وكل ما يمكن تقديمه في هذا السبيل، معلقًا على الاحتمال وحده، عدة بيوت وجدت في كل من مدن نيبور، وسيبار "أبو حبة قرب بغداد"، وأور، وتل حرمل "قرب إشنونا"، قد تكون بيوت معلمين أو مدارس؛ لأنها تميزت عما سواها بكثرة ألواح الكتابة التي وجدت فيها، ثم حجرتان في بيت بمدينة ماري "تل الحريري" اشتملتا على صفوف من المصاطب مختلفة السعة بنيت من الآجر، تتسع الواحدة منها لشخص أو شخصين أو أربعة أشخاص، وقد تكونان مكتبًا أو مدرسة.
ولما كان الخط المسماري خطًّا معقدًا في أشكاله الاصطلاحية وفي تعبيراته، كان من الطبيعي أن يستهلك التلميذ في تجويده سنوات طويلة، يتعلم خلالها ما يناسب سنه من صيغ الرسائل وقصائد المعبودات والمقطوعات الأدبية والأسطورية المناسبة، وعددًا من المفردات التي تتناول مطالب بيئته وخصائها، كأسماء الوظائف وأسماء الحيوانات وأسماء الأشجار والنباتات، وأسماء المعادن والأحجار، وهلم جرًّا[2]. ووجدت لوحة في تل حرمل تتضمن أسماء مئات من الأشجار والقصب والمواد ومنها حوالي مائة اسم لطيور خصص كل منها في نهايته بصورة طائر. وكان اسم مؤلفها أو ناسخها هو: أرا - إيمتي، وقد سجل اسمه فيها وقدم له بأسماء عدد من الأرباب رعاة المعرفة والآداب كما لو كانوا قد شاركوه كتابته بإيحاءاتهم فقال: نيدابا - خاي - جشتن - أنا - أرا - إيمتي بن نورم لبسي الكاتب كتبوه.
وقدم صمويل كرامر نصًّا مسماريًّا وصف تلميذ في طرفًا من حياته المدرسية بناء على أسئلة وجهت إليه[3]، ويفهم من ترجمة كرامر للنص أن التلميذ كان يبكر فيأخذ من أمه رغيفين، وينطلق إلى المدرسة [1] كرامر: المرجع السابق - ص262. [2] نفس المرجع: ص47. [3] نفس المرجع - الفصل الثاني - لوحتا 11 - 12.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 435