نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 534
وواصلت الفنون الصغرى، أو الفنون التطبيقية، طريقها في زخارف النسيج ونقوش الأختام ونقوش الأواني والكئوس وزخارف، فضلًا عن تشكيل القوائم المعدنية للمشاعل وموائد القربان، وتطعيم وتكفيت اللوحات الخشبية والمرمرية وقطع الأثاث الفاخر. وعبرت وحدات هذه الفنون عن الأذواق الآشورية المعاصرة لها وانتفعت في ذلك بتراث عصرها الوسيط، ولكنها استفادت في الوقت نفسه من محصول الإمبراطورية الواسعة، فظهرت فيها تأثيرات بابلية وحيثية وسورية ومصرية، بل وتأثيرات من أرمينيا، وما حولها أيضًا[1].
وبلغت زخارف النسيج الآشورية مبلغًا كبيرًا من الرقة والتنوع في ملابس الملوك الخاصة، واعتمد أغلبها على زخارف نباتية اصطلاحية شاعت فيها صورة الشجرة المقدسة أو شجرة الحياة؛ ومناظر أسطورية لكائنات مجنحة خيرة وعاتية، وحيوانات أليفة وضارية[2]؛ وتخطيطات هندسية لطيفة تكاد تعتبر الأصل البعيد لتعاشيق الأرابيسك الإسلامية[3]. ومن أمتع ما يقرن بزخارف الملابس، تنوع هيئات أغطية الرءوس في المناظر الآشورية، فمنها قلانس تشبه الطاقية، وأخرى تشبه القاووق والطرطور والأسطوانة المرتفعة؛ وغيرها تشبه طربوشًا بلون واحد أو لونين قد يكون مرتفعًا يعلوه ما يشبه القمع المقلوب؛ وقد تتدلى منه عدبة طويلة تصل إلى ما تحت الكتفين، وذلك فضلًا عن التيجان المقدسة ذات الزوجين أو الثلاثة أزواج من القرون. وتنوعت طرز النعال أيضًا؛ فمنها ما يشبه الخف الصوفي؛ ومنها الطويل الذي يشبه ما يسمى الآن التوزلك أو البوت؛ ومنها الصندل العادي ذو الأشرطة؛ ومنها أشكال أخرى لا تحضرنا مرادفات أسمائها في اللغة العربية.
وشكلت زخارف بعض اللوحات المرمرية، في قصر سرجون بخورسباد وقصر سينا خريب في قويونجيق بنينوى، بوحدات تشبه وحدات زخارف السجاد الشرقي المألوفة[4]، وقد تكون أصلًا لها أو تكون مشتقة من زخارف بسط فرشت بها أرضيات القصور الآشورية فعلًا.
وانتفعت نقوش الأختام الأسطوانية والمسطحة من تراث العصر الآشوري الوسيط؛ وأحيت معه عناصر بابلية قديمة؛ واستعارت كذلك بعض الأساليب الحيثية القديمة؛ وامتازت النقوش الجيدة منها بوضوح مناظرها واستقلال مفرداتها وحيوية تفاصيلها النباتية والحيوانية، مثل حراشيف النخيل وسعفه وريش الأجنحة وزخارف الملابس؛ واستطاعت أن تعبر بوضوح عن مضمون بعض الأساطير وبعض مناظر الصيد والتعبد وتقديم القرابين.
ونهل الفنانون الآشوريون من فنون سوريا الخاضعة لهم، واتخذوها معبرًا لهم إلى اقتباس فنون الترف المصرية الخالصة، والمحورة منها بالطابع السوري. وكان أمتع هذه الفنون بالنسبة لهم هو تطعيم لوحات [1] See, Frankfort, Op. Cit., 101f. An Eferences.. [2] W. Budge, Op. Cit., Pis. Xlix-Liii.. [3] Ibid., Pl. Liii, 36.. [4] Perrot Et Chipiez, Histoire De L'art, Ii, Fig. 96..
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 534