نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 547
وكان في تعارض دعوة النبيين وتمسحهما في أوامر الرب ما دعا كلًّا منهما إلى إنكار نبوة الآخر[1]. وعاودت جيوش نبوخذ نصر مهاجمة أورشليم في عام 588 أو 587ق. م. وشددت الحصار عليها، ولكنها اضطرت إلى رفع هذا الحصار، بعد أن تحركت الجيوش المصرية لمساعدتها "في عهد واح إب رع"[2]، ثم عاودت حصارها مرة أخرى وضيقت عليها تضييقًا شديدًا نحو عام ونصف العام حتى دخلتها في عام 586 أو 585ق. م. ودمرتها، وأحرقت هيكل سليمان ونقلت خزائنه، ونفت أربعين ألفًا أو خمسين ألفًا من أهلها إلى بابل لينوحوا عند مياه الفرات على قول التوراة. وأسر البابليون صدقيا عند أريحا، وفعلوا معه ما اعتاد اليهود أن يفعلوه مع بعضهم البعض، بل ومع أنبيائهم أيضًا الذين كانوا يقتلونهم بغير حق، فقتلوا أولاده أمامه ثم فقئوا عينيه ليكون سفك دم أولاده آخر منظر يراه "في ربلة على نهر العاصي". واعتبرت التوراه ما حل باليهود حينذاك عقابًا لهم على "تماديهم في عصيان الرب حتى ثار غضبه على شعبه فأصعد عليهم الكلدانيين"[3]. وصدق الله تعالى حين قال في قرآنه الكريم: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ... } [4]، والعلو هنا هو التمادي في الظلم. أما إرميا داعية الخضوع لبابل، فقد لجأ مضطرًا مع جماعة كبيرة ممن نجوا من القتل والتشريد إلى مصر، فوسعتهم رحابة صدرها[5]. وتابعت جيوش نبوخذ نصر مهاجمة المدن الفينيقية والسورية، وكانت أشد هذه المدن مقاومة لها مدينة صور التي ظلت على مقاومتها ثلاثة عشر عامًا "585 - 573ق. م" أبدت فيها من البسالة صورًا كثيرة وساعدها على المقاومة سهولة اتصالاتها بالبحر، ثم رضيت في نهاية الأمر بصلح اعترفت فيه بسيادة البابليين، واضطرت تحت ضغطهم إلى معاونتهم ضد مصر حين أرادوا أن يتخذوها قاعدة لمهاجمة السواحل المصرية عن طريق البحر[6]. [1] إرميا 28: 1، 12 - 14، 15 - 17، 37: 1 - 5. [2] حزقيال 27: 15، إرميا 27: 5. [3] الأيام الثاني -الإصحاح 36. [4] سورة الإسراء -الآية 3 ومابعدها. [5] الملوك الثاني 25: 25 - 26، إرميا 44: 21، 30.
6 " Herodouts, Ii, 161."
العمران والفنون:
أرادت بابل الكلدانية أن تعوض أجيال التبعية الطويلة التي مرت عليها، وقد أسكرتها نشوة النصر على الآشوريين على الرغم من قرابة الجنس والديار بينهما. ووجدت فرصتها الذهبية في طول عهد ملكها نبوخذ نصر الثاني، الذي امتد ثلاثة وأربعين عامًا، وفيما مر بنا من تعدد انتصاراته وأمجاده. فنشطت حركة العمران فيها كما لم تنشط من قبل، وبلغ محيط عمرانها حينذاك نحو 18 كيلومترًا، وذكر المؤرخون الإغريق أن أسوارها كانت أسوارًا دائرية عظيمة وأنه أحاطت بها أربعة خطوط دفاعية. أولها هو السور
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 547