نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 89
في عاصمتهم، والارتقاء بالكتابة وتوسيع استخدامها في شئون الإدارة والعقائد، وإرساء أسس مشاريع الري والزراعة وتنظيمات الضرائب وحكم الأقاليم.
وكان من صور استغلال الموارد الطبيعية في عصرهم استغلال المحاجر والمناجم، فاستخدموا الديوريت والجرانيت والأحجار الجيرية لرصف أرضيت المقابر الملكية وتسقيفها وعمل نصبها، واستخدموها في بناء بوابات بعض المعابد الكبيرة، وربما واجهاتها أيضًا، وإذا استشهدنا باستخدام الحجر في المقابر والمعابد دون غيرها، فمرجع ذلك إلى ما أسلفناه من أن المقابر والمعابد هي التي بقيت حتى الآن دون المساكن ومن المحتمل أن أنواع الأحجار نفسها استخدمت في بناء أكتاف أبواب القصور وأساطينها وأرضياتها كما أشرنا من قبل.
ونجح أهل العصر فيما أرادوه من صبغ الحضارة المادية المصرية بصبغة متجانسة، فتشابهت آثارهم التي تركوها عند رأس الدلتا، مع آثارهم التي تركوها في مصر الوسطى، وآثارهم التي تركوها في الصعيد، في خصائصها الرئيسية وإن تنوعت في أذواقها وتفاصيلها المحلية. وكان فنانو البلاط الملكي وتلاميذهم هم أدوات التجانس في هذه الآثار، فعملوا بأسماء ملوكهم في أنحاء الوادي كله، وعملوا بإذن ملوكهم في خدمة رجال بلاطهم حيثما استقر مقامهم وأقيمت مقابرهم.
النشاط الحدودي والخارجي:
لم تقتصر مصادر عصر بداية الأسرات على تصوير وجود النشاط الداخلي وحده، وإنما صورت نقوش العصر وآثاره وجوه نشاط أخرى حدودية وخارجية، سلمية وحربية.
فمن أدلة الامتدادات الجنوبية أنه عثر على اسم الملك جر ثاني ملوك الأسرة الأولى مسجلًا على صخور جبل الشيخ سليمان قرب وادي حلفا، وذلك ما يحتمل تفسيره باتساع التبادل التجاري لدولته مع منطقة النوبة التي لم تكن قد اكتمل تمصرها حضاريًّا بعد، أو ببلاد السودان التي تقع وراءها، واتساع نشاط حكومته في استغلال مناجم الذهب في وادي حلفا، وقيام جيشه بحماية هذا الاستغلال أو ذلك التبادل. وقد استمرت جهود العهود التالية له على نفس السبيل[1].
وتعين على حكام العصر أن يتيقظوا للحدود الصحراوية الشرقية والغربية، وأن يكفلوا حماية المتاجر والقوافل وبعثات المناجم والمحاجر التي تجوس خلالها، عن طريق تعويد بدوها الرحل على الطاعة والتعاون والسلام. وأثرت لأغلب فترات العصر جهود في هذا السبيل منذ عهد الملك عحا الذي رمزت مناظر صلايته إلى كثرة من واردات الواحات الغربية دلت على أنها كانت حينذاك وفيرة المراعي والشجيرات والأنعام: ونقش اسم الملك "واجي" على صخرة قريبة من البحر الأحمر في نهاية واد يصل بينه وبين إدفو[2]، وذلك مما يعني استغلال أحجار ومعادن الوادي في عهده واستغلاله كطريق تجاري بين النيل والبحر الأحمر[3]. [1] J. Capart, Les Debuts ….., Figs. 159-160. [2] Clere, Asae, XXXVIII, 85 F. [3] Zaes, XXXV, 7 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 89