responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 268
النِّسَاءَ، وَلَا يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ.
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عمران: 40] ؟ وَكَانَ عُمُرُهُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ ابْنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. فَقِيلَ لَهُ: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 40] . وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ اسْتِخْبَارًا هَلْ يُرْزَقُ الْوَلَدَ مِنِ امْرَأَتِهِ الْعَاقِرِ أَمْ غَيْرِهَا، لَا إِنْكَارًا لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى. {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41] . قَالَ: أَمْسَكَ اللَّهُ لِسَانَهُ عُقُوبَةً لِسُؤَالِهِ الْآيَةَ، وَالرَّمْزُ الْإِشَارَةُ.
فَلَمَّا وُلِدَ رَآهُ أَبُوهُ حَسَنَ الصُّورَةِ، قَلِيلَ الشَّعَرِ، قَصِيرَ الْأَصَابِعِ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، دَقِيقَ الصَّوْتِ، قَوِيًّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ مُذْ كَانَ صَبِيًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] .
قِيلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْمًا الصِّبْيَانُ أَمْثَالُهُ: يَا يَحْيَى اذْهَبْ بِنَا نَلْعَبْ. فَقَالَ لَهُمْ: مَا لِلَّعِبِ خُلِقْتُ. وَكَانَ يَأْكُلُ الْعُشْبَ وَأَوْرَاقَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ كَانَ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ، وَمَرَّ بِهِ إِبْلِيسُ وَمَعَهُ رَغِيفُ شَعِيرٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ زَاهِدٌ وَقَدِ ادَّخَرْتَ رَغِيفَ شَعِيرٍ؟ فَقَالَ يَحْيَى: يَا مَلْعُونُ هُوَ الْقُوتُ، فَقَالَ إِبْلِيسُ: إِنَّ الْأَقَلَّ مِنَ الْقُوتِ يَكْفِي لِمَنْ يَمُوتُ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: اعْقِلْ مَا يَقُولُ لَكَ.
وَنُبِّئَ صَغِيرًا فَكَانَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَلُبْسِ الشَّعَرِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ وَلَا مَسْكَنٌ يَسْكُنُ إِلَيْهِ، أَيْنَمَا جَنَّهُ اللَّيْلُ أَقَامَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ، وَاجْتَهَدَ فِي الْعِبَادَةِ، فَنَظَرَ يَوْمًا إِلَى بَدَنِهِ وَقَدْ نَحَلَ فَبَكَى، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا يَحْيَى أَتَبْكِي لِمَا نَحَلَ مِنْ جِسْمِكَ؟ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَوِ اطَّلَعْتَ فِي النَّارِ اطِّلَاعَةً لَتَدَرَّعْتَ الْحَدِيدَ عِوَضَ الشَّعَرِ! فَبَكَى حَتَّى أَكَلَتِ الدُّمُوعُ لَحْمَ خَدَّيْهِ وَبَدَتْ أَضْرَاسُهُ لِلنَّاظِرِينَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهُ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأَقْبَلَ زَكَرِيَّاءُ وَمَعَهُ الْأَحْبَارُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَا يَدْعُوكَ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ حَيْثُ قُلْتَ: إِنَّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ عَقْبَةً لَا يَجُوزُهَا إِلَّا الْبَاكُونَ مِنْ خَشْيَةِ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست