responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 173
فَقَالَ الْمُنْتَصِرُ: لَوْ أَمَرْتَ بِضَرْبِ عُنُقِي كَانَ أَسْهَلَ عَلَيَّ مِمَّا تَفْعَلُهُ بِي، فَقَالَ: اسْقُوهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْعَشَاءِ فَأُحْضِرَ، وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَخَرَجَ الْمُنْتَصِرُ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَمَرَ بَنَانًا غُلَامَ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى أَنْ يَلْحَقَهُ، وَأَخَذَ بِيَدِ زَرَافَةَ (الْحَاجِبِ) ، وَقَالَ لَهُ: امْضِ مَعِي! فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَنَمْ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ النَّبِيذَ، وَالسَّاعَةَ يَخْرُجُ بُغَا وَالنُّدَمَاءُ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَجْعَلَ أَمْرَ وَلَدِكَ إِلَيَّ، فَإِنَّ أُوتَامَشَ سَأَلَنِي أَنْ أُزَوِّجَ وَلَدَهُ مِنَ ابْنَتِكَ، وَابْنَكَ مِنِ ابْنَتِهِ، فَقَالَ: نَحْنُ عَبِيدُكَ فَمُرْ بِأَمْرِكَ! فَسَارَ مَعَهُ إِلَى حُجْرَةٍ هُنَاكَ، وَأَكَلَا طَعَامًا، فَسَمِعَا الضَّجَّةَ وَالصُّرَاخَ، فَقَامَا، وَإِذَا بُغَا قَدْ لَقِيَ الْمُنْتَصِرَ، فَقَالَ الْمُنْتَصِرُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: خَيْرٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا تَقَوُلُ وَيْلَكَ؟ قَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجَرَكَ (فِي سَيِّدِنَا) أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ.
فَجَلَسَ الْمُنْتَصِرُ، وَأَمَرَ بِبَابِ الْبَيْتِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْمُتَوَكِّلُ، فَأُغْلِقَ، وَأُغْلِقَتِ الْأَبْوَابُ كُلُّهَا، وَبَعَثَ إِلَى وَصِيفٍ يَأْمُرُهُ بِإِحْضَارِ الْمُعْتَزِّ وَالْمُؤَيَّدِ عَنْ رِسَالَةِ الْمُتَوَكِّلِ.
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ قَتْلِ الْمُتَوَكِّلِ، فَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْمُنْتَصِرُ دَعَا الْمُتَوَكِّلُ بِالْمَائِدَةِ، وَكَانَ بُغَا الصَّغِيرُ الْمَعْرُوفُ بِالشَّرَابِيِّ قَائِمًا عِنْدَ السِّتْرِ، وَذَلِكَ الْيَوْمُ كَانَ نَوْبَةَ بُغَا الْكَبِيرِ، وَكَانَ خَلِيفَتَهُ فِي الدَّارِ ابْنُهُ مُوسَى، وَمُوسَى هُوَ ابْنُ خَالَةِ الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَ أَبُوهُ يَوْمَئِذٍ بِسُمَيْسَاطَ، فَدَخَلَ بُغَا الصَّغِيرُ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَأَمَرَ النُّدَمَاءَ بِالِانْصِرَافِ إِلَى حُجَرِهِمْ، فَقَالَ لَهُ الْفَتْحُ: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ انْصِرَافِهِمْ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَرْتَفِعْ، فَقَالَ بُغَا: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنَّهُ إِذَا جَاوَزَ السَّبْعَةَ لَا أَتْرُكُ أَحَدًا، وَقَدْ شَرِبَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَطْلًا، وَحَرَمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلْفَ السِّتَارَةِ، وَأَخْرَجَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْفَتْحُ وَعَثْعَثُ، وَأَرْبَعَةٌ مِنْ خَدَمِ الْخَاصَّةِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَهُوَ أَخُو الْمُؤَيَّدِ لِأُمِّهِ.
وَكَانَ بُغَا الشَّرَابِيُّ أَغْلَقَ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا، إِلَّا بَابَ الشَّطِّ، وَمِنْهُ دَخَلَ الْقَوْمُ الَّذِينَ قَتَلُوهُ، فَبَصُرَ بِهِمْ أَبُو أَحْمَدَ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا سُفَلُ! وَإِذَا سُيُوفٌ مُسَلَّلَةٌ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُتَوَكِّلُ صَوْتَ أَبِي أَحْمَدَ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا بُغَا؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ رِجَالُ النُّوبَةِ، فَرَجَعُوا إِلَى وَرَائِهِمْ عِنْدَ كَلَامِهِ، وَلَمْ يَكُنْ وَاجِنُ وَأَصْحَابُهُ وَوَلَدُ وَصِيفٍ حَضَرُوا مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ بُغَا: يَا سُفَلُ! أَنْتُمْ مَقْتُولُونَ لَا مَحَالَةَ، فَمُوتُوا كِرَامًا! فَرَجَعُوا، فَابْتَدَرَهُ بَغْلُونُ، فَضَرَبَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَأُذُنِهِ فَقَدَّهُ، فَقَالَ: مَهْلًا! قَطَعَ اللَّهُ يَدَكَ، وَأَرَادَ الْوُثُوبَ بِهِ،

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست