responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 379
وَمَطَرَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا شَدِيدًا، فَشُغِلَ عَنِ الْقِتَالِ، ثُمَّ رَكِبَ لِيَنْظُرَ مَوْضِعًا لِلْحَرْبِ، فَانْتَهَى إِلَى قَرِيبٍ مِنْ سُورِ مَدِينَةِ سُلَيْمَانَ بِطَهْثَا، وَهِيَ الَّتِي سَمَّاهَا الْمَنْصُورُ، فَتَلَقَّاهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ كُمَنَاءُ مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى، وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ، وَتَرَجَّلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُرْسَانِ، وَقَاتَلُوا حَتَّى خَرَجُوا عَنِ الْمَضِيقِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، وَأَسَرُوا مِنْ غِلْمَانِ الْمُوَفَّقِ جَمَاعَةً.
وَرَمَى أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْمُوَفَّقِ أَحْمَدَ بْنَ هِنْدِيٍّ الْحَيَامِيَّ بِسَهْمٍ خَالَطَ دِمَاغَهُ، فَسَقَطَ وَحُمِلَ إِلَى الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ الزَّنْجِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَحَضَرَهُ الْخَبِيثُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَعَظُمَتْ لَدَيْهِ الْمُصِيبَةُ بِمَوْتِهِ، إِذْ كَانَ أَعْظَمَ أَصْحَابِهِ (غَنَاءً عَنْهُ) .
وَانْصَرَفَ الْمُوَفَّقُ إِلَى عَسْكَرِهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّحَارُسِ لَيْلَتَهُمْ وَالتَّأَهُّبِ لِلْحَرْبِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا، وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ، عَبَّأَ الْمُوَفَّقُ أَصْحَابَهُ، وَجَعَلَهُمْ كَتَائِبَ يَتْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فُرْسَانًا وَرَجَّالَةً، وَأَمَرَ بِالشَّذَا وَالسُّمَيْرِيَّاتِ أَنْ يُسَارَ بِهَا إِلَى النَّهْرِ الَّذِي يَشُقُّ مَدِينَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ النَّهْرُ الْمَعْرُوفُ بِنَهْرِ الْمُنْذِرِ، وَرَتَّبَ أَصْحَابَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَابْتَهَلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي النَّصْرِ، ثُمَّ لَبِسَ سِلَاحَهُ، وَأَمَرَ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى السُّورِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، فَرَأَى خَنْدَقًا، فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ، فَحَرَّضَهُمْ قُوَّادُهُمْ وَتَرَجَّلُوا مَعَهُمْ، فَاقْتَحَمُوهُ وَعَبَرُوهُ، وَانْتَهَوْا إِلَى الزَّنْجِ وَهُمْ عَلَى سُورِهِمْ.
فَلَمَّا رَأَى الزَّنْجُ تَسَرُّعَهُمْ إِلَيْهِمْ وَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ، وَاتَّبَعَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ، وَكَانَ الزَّنْجُ قَدْ حَصَّنُوهَا بِخَمْسَةِ خَنَادِقَ، وَجَعَلُوا أَمَامَ كُلِّ خَنْدَقٍ سُورًا، فَجَعَلُوا يَقِفُونَ عِنْدَ كُلِّ سُورٍ وَخَنْدَقٍ، فَكَشَفَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَدَخَلَتِ الشَّذَا وَالسُّمَيْرِيَّاتُ الْمَدِينَةَ مِنَ النَّهْرِ، فَجَعَلَتْ تُغْرِقُ كُلَّ مَا مَرَّتْ لَهُمْ بِهِ مِنْ سُمَيْرِيَّةٍ وَشَذَاةٍ، وَقَتَلُوا مَنْ بِجَانِبَيِ النَّهْرِ وَأَسَرُوا حَتَّى أَجْلَوْهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَعَمَّا اتَّصَلَ بِهَا، وَكَانَ مِقْدَارُ الْعِمَارَةِ فِيهَا فَرْسَخًا.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست