نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 208
اشتغالهم بزراعة النخيل هناك؛ فالتمر هو مادة ضرورية للأعراب يعيش عليها ويأتدم بها، وإذ هو لم يكن يفْلَح ولا يزرع، كان يشتريه مقايضة في الغالب من تجار التمور، فيكسب أصحاب النخيل أرباحًا طائلة من بيعهم التمور. ولا يوجد مكان في جزيرة العرب فيه ماء، إلا والنخلة هي سيدة المزروعات فيه، بل تكاد تكون النبات المتفرد بالزرع في أكثر تلك الأمكنة. لا يزاحمها نبات آخر من النبات.
والنخلة هي من أقدم الأشجار التي احتضنها الساميون، ولعل الفوائد التي حصل الساميون عليها من هذه الشجرة، هي التي حملتهم على تقديسها وعدّها من الأشجار المقدسة، فنجد النخلة مقدسة عند قدماء الساميين وعدّوا ثمرها وهو التمر من الثمار المقدسة التي تنفع الناس[1].
أما الكروم، فقد غرست في مناطق من الجزيرة اشتهرت، وعرفت بها مثل الطائف واليمن. وأما الأشجار المثمرة الأخرى مثل الرمان والتفاح والمشمش وأمثالها، فقد غرست في مناطق عرفت بالخصب، وبتوافر الماء فيها، ويميل أهلها إلى الزراعة والاستقرار، مثل مدينة "الطائف" مصيف أهل مكة منذ الجاهلية، واليمن. وقد ذكر أن الكروم دخلت إلى بعض المناطق حديثًا، فورد أنها دخلت إلى "مسقط" مثلًا في القرن السادس عشر للميلاد، على أيدي البرتغاليين[2]، ودخلت إلى الحجاز في القرن الرابع بعد الميلاد غريبة من بلاد الشام. ويرى بعض الباحثين أن النبط واليهود كانوا الوسطاء في نقل الأشجار المثمرة إلى الحجاز[3].
أما أشجار ضخمة تمد الناس بالخشب على نحو ما نجده في الهند أو في إفريقية، فلجفاف الجزيرة لا نجد فيها مثل تلك الأشجار. لذلك استورد العرب خشب سفنهم ومعابدهم وبيوتهم من الخارج في الغالب، من إفريقية ومن الهند، خلا الأمكنة القريبة من الجبال والمرتفعات التي يصيبها المطر، وتصطدم بها الرطوبة، فقد نبتت فيها أشجار كونت غابات وأيكات، أفادت مَنْ في جوارها؛ إذ [1] hastings, p,, 675 [2] جان جاك بيربي، جزيرة العرب "205"، وفي هذه الترجمة العربية المطبوعة سنة 1960 ببيروت، أغلاط كثيرة في ضبط الأعلام. [3] حتى "22".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 208