responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 278
بِالسِّفْطَيْنِ حَتَّى قَدِمْنَا بِهِمَا الْمَدِينَةَ، فَأَجْلَسْتُ صَاحِبَيَّ مَعَ السِّفْطَيْنِ وَانْطَلَقْتُ فِي طَلَبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ عُمَرَ، فَإِذَا بِهِ يُغَدِّي النَّاسَ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عُكَّازٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَا بَرْقِيُّ ضَعْ هَا هُنَا. فَجَلَسْتُ فِي عرْضِ الْقَوْمِ لا آكُلُ شَيْئًا، فَمَرَّ بِي فَقَالَ: أَلا تُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ، فَقُلْتُ: لا حَاجَةَ لِي إِلَيْهِ، فَرَآنِي النَّاسُ وَهُوَ قَائِمٌ يَدُورُ [1] فِيهِمْ فَقَالَ: يَا بَرْقِيُّ خُذْ خِوَانَكَ وَقِصَاعَكَ، ثُمَّ أَدْبَرَ فَاتَّبَعْتُهُ فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُ طُرُقَ الْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارٍ قَوْرَاءَ عَظِيمَةٍ، فَدَخَلَهَا فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ مِنَ الدَّارِ فَدَخَلَهَا فَقُمْتُ مَلِيًّا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ، ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى وِسَادَةٍ [مُرْتَفِقًا أُخْرَى، فَلَمَّا رَآنِي نَبَذَ إِلَيَّ الَّتِي كَانَ مُرْتَفِقًا، فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا] [2] فَإِذَا هِيَ تَعْرَى، وَإِذَا حَشْوُهَا لِيفٌ، قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَطْعِمِينَا، فَجَاءَتْ بِقَصْعَةٍ فِيهَا قَدْرٌ مِنْ خُبْزٍ يَابِسٍ، فَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا مَا فِيهِ مِلْحٌ وَلا خَلٌّ، فَقَالَ: أَمَا أَنَّهَا لَوْ كَانَت رَاضِيَةٌ لأَطْعَمَتْنَا أَطْيَبَ مِنْ هَذَا، فَقَالَ لِي: ادْنُ، فَدَنَوْتُ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قَدْرَهُ، فَلا وَاللَّهِ لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُجِيزَهَا، فَجَعَلْتُ أَلُوكُهَا مَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ/ وَمَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى أَنْ أَسِيغَهَا، وَأَكَلَ هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ أَكْلا لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ طَعَامٌ بِثَوْبٍ أَوْ شَعْرٍ، حَتَّى رَأَيْتُهُ يَلْطَعُ جَوَانِبَ الْقَصْعَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَارِيَةُ اسْقِنَا، فَجَاءَتْ بِسُوَيْقٍ سُلَّتْ، فَقَالَ: أَعْطِهِ، فَنَاوَلَتْنِيهُ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَنَا حَرَّكْتُهُ ثَارَ لَهُ غُبَارٌ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ بَشِعْتُ ضَحِكَ، فَقَالَ: مَا لَكَ، أَرِنِيهُ إِنْ شِئْتَ، فَنَاوَلْتُهُ، فَشَرِبَ حَتَّى وَضَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا فَأَرْوَانَا وَجَعَلَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، قُلْت:
قَدْ أَكَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ فَشَبِعَ فَرُوِيَ، حَاجَتِي جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: للَّه أَبُوكَ، فَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْت: رَسُولُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: فباللَّه، لَكَأَنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِهِ تَخَفُّفًا عَلَيَّ وَحَبَا، ثُمَّ قَالَ: لِتُخْبِرَنِي عَنْ مَنْ جِئْتَ مِنْ هَذِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَزْحَفُ إِلَيَّ: للَّه أَبُوكَ، كَيْفَ تَرَكْتَ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ؟ كَيْفَ الْمُسْلِمُونَ؟ مَا صَنَعْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟
قُلْتُ: مَا تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ عَلَى أَنَّهُمْ نَاصَبُونَا الْقِتَالَ، فَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَرْجَعَ وَبَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ- أَعْنِي عَلَى الرَّجُلِ- طَوِيلا، قُلْتُ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ، فَتْحًا عَظِيمًا، فَمَلأَ

[1] في الأصل: «وشبع وهو قائم عليهم يدور» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من أ، ظ.
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست