responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 317
اكتب إلى عمير، فو الله مَا أَرَاهُ إِلا قَدْ خَانَنَا: «إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ وَأَقْبِلْ بِمَا جَبَيْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ تَنْظُرُ فِي كِتَابِي هَذَا» .
قَالَ: فَأَخَذَ عُمَيْرٌ جِرَابَهُ، فَجَعَلَ فِيهِ زَادَهُ وَقَصْعَتَهُ، وَعَلَّقَ أَدَوَاتِهِ، فَأَخَذَ عَنْزَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي مِنْ حِمْصَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ شَحَبَ لَوْنُهُ، وَأَغْبَرَ وَجْهُهُ، وَطَالَ شَعْرُهُ، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَ عُمَرُ: مَا شَأْنُكَ؟ / فَقَالَ عُمَيْرٌ: مَا تَرَى مِنْ شَأْنِي، أَلَيْسَ تَرَانِي صَحِيحَ الْبَدَنِ [1] ، ظَاهِرَ [2] الدَّمِ، مَعِي الدُّنْيَا أُجُرُّهَا بِقَرْنِهَا. قَالَ: وَمَا مَعَكَ؟ فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَالٍ. فَقَالَ: مَعِي جِرَابِي، أَجْعَلُ فِيهِ زَادِي وَقَصْعَتِي، آكَلُ فِيهَا، وَأَغْسِلُ فِيهَا رَأْسِي وَثِيَابِي وَإِدَاوَتِي أَحْمِلُ فِيهَا وَضُوئِي وَشَرَابِي، وَعَنْزَتِي أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا، وَأُجَاهِدُ بِهَا عَدُوًّا إن عرض لي، فو الله مَا الدُّنْيَا إِلا نَفْعٌ لِمَتَاعِي، قَالَ عُمَرُ: فَجِئْتَ تَمْشِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا كَانَ لك أحد يتبرع لك بداية تَرْكَبُهَا؟ قَالَ: مَا فَعَلُوهُ، وَمَا سَأَلْتُهُمْ ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: بِئْسَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ، قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنِ الْغَيْبَةِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ صَلاةَ الْغَدَاةِ. قَالَ عُمَرُ: بَعَثْتُكَ وَأَيُّ شَيْءٍ صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ؟ فَقَالَ:
سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَمَا أَنِّي لَوْلا أَنِّي أَخْشَى أَنْ أعَمْلَ [3] مَا أَخْبَرْتُكَ بَعَثْتَنِي حَتَّى أَتَيْتُ الْبَلَدَ، فَجَمَعْتُ صُلَحَاءِ أَهْلِهَا فَوَلَّيْتُهُمْ جِبَايَةَ فَيْئِهِمْ، حَتَّى إِذَا جَمَعُوهُ وَضَعْتُهُ مواضعه، ولو نالك منه شَيْءٌ لأَتَيْتُكَ بِهِ. قَالَ: فَمَا جِئْتَنَا بِشَيْءٍ. قَالَ: لا. قَالَ: جَدِّدُوا لِعُمَيْرٍ عَهْدًا. قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لِشَيْءٍ لا عَمِلْتُهُ لَكَ وَلا لأَحَدٍ بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا سَلِمْتُ، بَل لَمْ أسلم. قلت: لنصراني؟ [4] أخزاك الله، هذا مَا عَرَّضْتَنِي لَهُ، وَإِنْ أَشْقَى أَيَّامِي يَوْمَ خَلَّفْتُ [5] مَعَكَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَرَجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَبَيْنَهَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَمْيَالٌ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ انْصَرَفَ عُمَيْرٌ: مَا أَرَاهُ إِلا قَدْ خَانَنَا. فَبَعَثَ رَجُلا يُقَالُ لَهُ الْحَارِثُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِينَارٍ، وَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى عُمَيْرٍ حَتَّى تَنْزِلَ بِهِ كَأَنَّكَ ضَيْفٌ، فَإِن رَأَيْتَ أثر شيء فأقبل

[1] في الأصل: «اليدين» .
[2] في الأصل: «طاهر» .
[3] في ت: «أعمك» .
[4] «لنصراني؟» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «حلفت» .
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست