وصلت إليه استقلها وقال: اللهم غيّر! ثم انصرف إلى المدينة قاطعا ذلك الأمر، واصطلح القوم وكف بعضهم عن بعض.
ولما هلك معاوية واستخلف يزيد وفد عليه أبو الجهم فيمن وفد عليه من قريش، فلما أراد أن يأمر بجائزته سأل كم كان معاوية أعطاه؟ فقيل له مائة ألف، فحط عنها عشرة آلاف وبعث إليه تسعين ألفا، فلما وصلت إليه استقلها وقال: اللهم غير! فلما هلك يزيد وفد أبو الجهم على عبد الله بن الزبير ليفرض له فأمر له بخمسة آلاف درهم، فلما وصلت إليه قال: اللهم لا تغير! فإنك إن غيرت جئتنا بقردة وخنازير، وقال الحزامي [1] : وسمعت أن ابن الزبير أعطاه عشرة آلاف درهم.
قال الحزامي: ولما خرج عبد الله بن الزبير وغلب على مكة وسار الحسين [2] بن علي عليهما السلام إلى العراق بلغ يزيد بن معاوية أن عبد الله ابن مطيع قد أراد أن يثور بالمدينة وأشفق من ذلك فكتب إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو يومئذ عامله على المدينة يأمره أن يأخذ ابن مطيع فيحبسه في السجن قبله ويكتب إليه بذلك ليكتب إليه برأيه فيه، فأخذه الوليد فحبسه في السجن، فلبث [3] فيه أياما، ثم إن عبد الله بن عمر بن الخطاب أقبل حتى جلس في موضع الجنائز بباب المسجد، فاجتمعت إليه رجال بني عدي بن كعب في أمر ابن مطيع، ثم بعث إلى الوليد بن عتبة أن ائتنا [4] نذكر لك بعض شأننا، فأتاه الوليد فجلس فتكلم عبد الله بن عمر فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم أقبل على الوليد فقال: استعينوا بالله والحق على إقامة دينكم وما تحاولون من صلاح دنياكم ولا تطلبوا إقامة ذلك وإصلاحه بظلم البراء وإذلال الصلحاء وإخافتهم، فإنكم إن استقمتم أعانكم الله وإن جرتم وكلتم إلى أنفسكم، كفوا عن صاحبنا وخلوا سبيله فإنا لا نعلم عليه حقا فتحبسوه [1] يعني إبراهيم بن المنذر بن عبد الله الراوي- انظر الحاشية رقم 11 ص 294. [2] في الأصل: حسين. [3] في الأصل: فلبس. [4] في الأصل: أتينا.