ومن يكن من عدي ينتزح [1] بهم ... عن الأذى أو نزيلا فيهم جارا
فكم ترى فيهم يوما إذا حضروا ... ذوي بصائر [2] في الخيرات أبرارا
وسادة فضلوا مجد ومكرمة ... ساسوا مع الحلم أحسابا وأخطارا
يعم بذلهم الأحياء قاطبة ... كالنيل [3] يركب بلدانا وأمصارا
بهم ينال أخوهم بعد همته ... وتقتضي بهم الأوتار [4] أوطارا [5]
وذكر الحزامي عن ابن شهاب [6] أن أبا الجهم بن حذيفة قال: ليلة أتى بابنه محمد بن أبي الجهم مقتولا حين قتله مسرف [7] وذلك أن مسلم بن عقبة المرّي لما قتل أهل الحرة [8] وظفر بالمدينة أخذ الناس بالبيعة ليزيد ابن معاوية [9] على أنهم [9] عبيد قنّ ليزيد، فأبى ابن أبي الجهم أن يبايع على أنه عبده، فقدّمه فضرب عنقه، فلما رأى الناس ذلك بايعوا على ذلك، وأتى [10] بعلي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب فقال له: بايع على أنك عبد قن، فثار الحصين بن نمير الكندي ثم السكسكي وكان معه من كندة أربعة آلاف فقال: والله لا يبايع ابن أختنا على هذا أبدا، فخشي أبو مسلم أن ينتشر عليه أمره، فبايعه على أنه ابن عمر أمير المؤمنين، ورده مسلم إلى منزله على بغلته وسأله أن يرفع إليه حوائجه، وبايع سائر الناس عل أنهم عبيد- والله ما وترت [11] قط إلا الليلة، وعنده ناس من بني أمية فيهم ختنه [1] انتزح عن: ابتعد عن. [2] في الأصل: بصاير- بالياء المثناة. [3] في الأصل: كالنبل- بالباء الموحدة. [4] الأوتار: الأولاد.
[5] في الأصل: أوتارا- بالتاء، والأوطار بالطاء جمع الوطر بالتحريك وهو الحاجة والبغية. [6] يعني الزهري. [7] مسرف لقب مسلم بن عقبة قائد جيش يزيد لأنه أسرف في قتل أهل المدينة. [8] المراد بالحرة حرة واقم وهي في شرق المدينة وكان أهل المدينة رفضوا بيعة يزيد وأظهروا عيبه وبايعوا عبد الله بن الزبير، فأرسل يزيد جيشا في قيادة مسلم بن عقبة، فخرج أهل المدينة لمحاربته فانهزموا وقتلوا مقتلة عظيمة وكان ذلك سنة 63- انظر نسب قريش ص 371. [9] في الأصل: غلبهم بأنهم. [10] في الأصل: واني. [11] المتكلم أبو الجهم بن حذيفة.