وفيهَا: مَاتَ مُحَمَّد بن الْحسن الشبياني صَاحب أبي حنيفَة أَبوهُ من حرستا من الغوطة، ولمحمد عدَّة كتب كالجامع الْكَبِير وَالْجَامِع الصَّغِير وَغَيرهمَا.
قلت: طلب الشَّافِعِي مِنْهُ كتبا فتأخرت عَنهُ، فَكتب إِلَيْهِ:
(قل للَّذي لم ترعين ... من رَآهُ مثله)
(وَمن كَانَ من رَآهُ ... قد رأى من قبله)
(الْعلم ينْهَى أَهله ... أَن يمنعوه أَهله)
(لَعَلَّه يبذله ... لأَهله لَعَلَّه)
فأنفذ الْكتب إِلَيْهِ، كَذَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي الطَّبَقَات، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة تسعين وَمِائَة: فِيهَا سَار الرشيد فِي مائَة ألف وَخَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألفا سوى المتطوعة والأتباع، وحاصر هرقلة ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَفتحهَا فِي شَوَّال وسبى أَهلهَا، وَبث العساكر فِي الرّوم ففتحوا الصفصاف وملقونية وخربوا ونهبوا فَبعث تقفور بالجزية عَن رَعيته وَعَن رَأسه وَرَأس وَلَده وبطارقته.
وفيهَا: نقض أهل قبرس الْعَهْد، فغزاهم معتوق بني يحيى عَامل سواحل مصر وَالشَّام فسباهم.
وفيهَا: أسلم الْفضل بن سهل على يَد الْمَأْمُون وَكَانَ مجوسيا، وَتُوفِّي أسيد بن عَمْرو بن عَامر الْكُوفِي صَاحب أبي حنيفَة وَيحيى بن خَالِد بن برمك مَحْبُوسًا بالرقة فِي الْمحرم، وعمره سَبْعُونَ.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة وَسنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَة: فِيهَا سَار الرشيد إِلَى خُرَاسَان من الرقة فَنزل بَغْدَاد، ورحل عَنْهَا إِلَى النهروان لخمس خلون من شعْبَان واستخلف على بَغْدَاد ابْنه الْأمين.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة: فِيهَا مَاتَ الْفضل بن يحيى فِي حبس الرقة فِي الْمحرم، وعمره خمس وَأَرْبَعُونَ، وَكَانَ من محَاسِن الدُّنْيَا.
وفيهَا: مَاتَ الرشيد لثلاث خلون من جُمَادَى الْآخِرَة، كَانَ من بَدو سَفَره مَرِيضا فَاشْتَدَّ مَرضه بجرحان وَسَار إِلَى طوس فَمَاتَ بهَا، وَأنزل فِي قَبره قوما ختموا فِيهِ الْقُرْآن وَهُوَ فِي محفة على شَفير الْقَبْر وَيَقُول: وإسوأتا من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَغشيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ للفضل بن الرّبيع يَا فضل:
(أحين دنا مَا كنت أخْشَى دنوه ... رمتني عُيُون النَّاس من كل جَانب)