وفيهَا: توفّي القَاضِي مُحَمَّد بن خلف بن حبَان الضَّبِّيّ الْمَعْرُوف بِابْن وَكِيع عَالم بأخبار النَّاس، لَهُ تصانيف حَسَنَة.
وفيهَا: فِي جمادي الأولى توفّي الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سُرَيج الْفَقِيه الشَّافِعِي من الْأَئِمَّة العظماء وَيُقَال لَهُ الباز الْأَشْهب ولي قَضَاء شيراز وَله أَرْبَعمِائَة مُصَنف، وَمِنْه أشتهر مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الافاق حَتَّى قَالُوا فِي عصره: إِن اللَّهِ أظهر عمر بن عبد الْعَزِيز على رَأس الْمِائَة من الْهِجْرَة فأحيا كل سنة وأمات كل بِدعَة، ثمَّ من اللَّهِ على النَّاس بالشافعي على رَأس الْمِائَتَيْنِ فأظهر السّنة وأخفى الْبِدْعَة، وَمن اللَّهِ على رَأس الثلثمائة بِابْن سُرَيج فقوى كل سنة وَضعف كل بِدعَة؛ وجده سُرَيج مَشْهُور بالصلاح.
ثمَّ دخلت سنة سبع وثلثمائة: فِيهَا انقرضت دولة الأدارسة العلويين وتغلب عَلَيْهِم فضَالة بن حيوس، ثمَّ ظهر من الأدراسة حسن بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن إِدْرِيس ورام رد الدولة وَقد أخذت فِي الاختلال ودولة الْمهْدي عبيد اللَّهِ فِي الإقبال فَملك عَاميْنِ، ثمَّ لم يتم لَهُ مطلب وانقرضت دولتهم من جَمِيع الْمغرب الْأَقْصَى، وَحمل غَالب الأدارسة إِلَى الْمهْدي وَولده إِلَّا من اختفى مِنْهُم فِي الْجبَال إِلَى أَن سَار بعد الْأَرْبَعين وثلثمائة إِدْرِيس من ولد مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن إِدْرِيس فَأَعَادَ الْإِمَامَة لهَذَا الْبَيْت.
ثمَّ تغلب على بر العدوة عبد الْملك بن المصنور بن أبي عَامر وخطب فِي تِلْكَ الْبِلَاد لبني أُميَّة، ثمَّ رَجَعَ عبد الْملك إِلَى الأندلس فاضطربت دولته ببر العدوة، فتغلب بَنو أبي الْعَافِيَة الزناتيون على فاس حَتَّى ظهر يُوسُف بن تاشفين أَمِير الْمُسلمين فاستولى على تِلْكَ الْبِلَاد.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسنة تسع وثلثمائة: فِيهَا قتل الحلاج الْحُسَيْن بن مَنْصُور قدم من خُرَاسَان إِلَى الْعرَاق ثمَّ إِلَى مَكَّة وَأقَام سنة فِي الْحجر لَا يستظل بسقف يَصُوم الدَّهْر وَيفْطر بِمَاء وَثَلَاث عضات من قرص، ثمَّ قدم بَغْدَاد متزهدا متصوفا يخرج للنَّاس من فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف، وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء، ويمد يَده فِي الْهَوَاء وَيُعِيدهَا مَمْلُوءَة دَرَاهِم أحدية يسميها دَرَاهِم الْقُدْرَة، ويخبر النَّاس بِمَا أكلوه وَمَا صنعوه فِي بُيُوتهم وَبِمَا فِي ضمائرهم فَاعْتقد قوم فِيهِ الْحُلُول.
وَاخْتلف قوم فِيهِ كالاختلاف فِي الْمَسِيح، وَقَالَ قوم: هُوَ ولي اللَّهِ، وَقيل: مشعبذ، وَقيل: سَاحر.
وَالْتمس حَامِد بن الْعَبَّاس الْوَزير من المقتدر تَسْلِيمه إِلَيْهِ، فَأمره بِتَسْلِيمِهِ فَكَانَ حَامِد يخرج الحلاج إِلَى مَجْلِسه ويستنطقه فَلَا يظْهر مِنْهُ مَا تكرههُ الشَّرِيعَة وحامد مجد فِي أمره ليَقْتُلهُ، ثمَّ رأى لَهُ كتابا حكى فِيهِ: إِن الْإِنْسَان إِذا أَرَادَ الْحَج وَلم يُمكنهُ أفرد من دَاره بَيْتا نظيفا من النَّجَاسَات وَلَا يدْخلهُ أحد وَإِذا حضرت أَيَّام الْحَج طَاف حوله وَفعل مَا يَفْعَله