وفيهَا: توفّي أَبُو سعيد الْإِصْطَخْرِي من شُيُوخ الْمُعْتَزلَة وعمره فَوق الثَّمَانِينَ.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا كَانَت الحروب بَين أبي الْحسن عَليّ بن مزِيد الْأَسدي وَبَين مُضر وَحسان ونبهان وطراد بن دبيس، ثمَّ أَن مُضر هزم أَبَا الْحسن وَاسْتولى على حلله وامواله وهرب أَبُو الْحسن إِلَى بلد النّيل.
وفيهَا: توفّي الْحَافِظ مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن حَمْدَوَيْه بن نعمب الضَّبِّيّ الطهمازي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي إِمَام الحَدِيث فِي عصره والمؤلف فِيهِ مَا لم يسْبق إِلَيْهِ، سَافر فِي طلب الحَدِيث وَبَلغت شُيُوخه الفين وَله الصحيحان والأمالي وفضائل الشَّافِعِي، عرف أَبوهُ بالحاكم لتوليه الْقَضَاء بنيسابور.
وفيهَا: قتل بعض عَامَّة الدينور قاضيهم أَبَا الْقَاسِم يُوسُف بن أَحْمد بن كج الْفَقِيه الشَّافِعِي خوفًا مِنْهُ، وَله وَجه فِي الْمَذْهَب وصنف كثيرا وَجمع بَين رياستي الْعلم وَالدُّنْيَا.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا توفّي باديس بن مَنْصُور بن يُوسُف بلكين بن زيزى أَمِير أفريقية، ووليها بعده ابْنه الْمعز وعمره ثَمَان وَوصل إِلَيْهِ التَّقْلِيد وَالْخلْع من الْحَاكِم الْعلوِي ولقبه شرف الدولة والمعز حمل أهل الْمغرب على مَذْهَب مَالك وَكَانُوا قبله حنفية.
غزا سُلْطَان الدولة بن بهاء الدولة نَائِبه بالعراق فَخر الْملك أَبَا غَالب وَقَتله سلخ ربيع الأول مِنْهَا وعمره اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ سنة وَأحد عشر شهرا وَمُدَّة ولَايَته بالعراق خمس سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَأَيَّام، وَوجد لَهُ ألف ألف دِينَار غير الْعرُوض وَغير مَا نهب قَبضه بالأهواز، ثمَّ استوزر أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن سهلان.
وفيهَا: توفّي الشريف الرضي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زيد العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي اللَّهِ عَنْهُم الْمَعْرُوف بالموسوي، ذاكرة شَيْخه السيرافي يَوْمًا وَهُوَ صبي فَقَالَ: رَأَيْت عمرا مَا عَلامَة النصب فِي عَمْرو؟ فَقَالَ الرضي: بعض عَليّ - أَشَارَ إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ وبغضه لعَلي -، فَعجب الْحَاضِرُونَ من ذهنه. ومولده سنة تسع وَخمسين وثلثمائة بِبَغْدَاد.
قلت: وَلَو قَالَ بدل قَوْله بغض عَليّ: خفض عَليّ، لَكَانَ أبدع، وَهُوَ أشعر الطالبيين على كَثْرَة شعرائهم المفلقين وَللَّه قَوْله:
(يَا صَاحِبي قفا لي واقضيا وطري ... وخبراني عَن نجد بأخبار)