responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 105
بوجود اليمن وحضرموت والأحقاف وبلاد الحجاز واليمامة وما يليها من جزيرة العرب في الإقليم الأوّل والثّاني فإنّ جزيرة العرب كلّها أحاطت بها البحار من الجهات الثّلاث كما ذكرنا فكان لرطوبتها أثر في رطوبة هوائها فنقص ذلك من اليبس والانحراف الّذي يقتضيه الحرّ وصار فيها بعض الاعتدال بسبب رطوبة البحر. وقد توهّم بعض النّسّابين ممّن لا علم لديه بطبائع الكائنات أنّ السّودان هم ولد حام بن نوح اختصّوا بلون السّواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله من الرّقّ في عقبه وينقلون في ذلك حكاية من خرافات القصاص ودعاء نوح على ابنه حام قد وقع في التّوراة وليس فيه ذكر السّواد وإنّما دعا عليه بأن يكون ولده عبيدا لولد إخوته لا غير وفي القول بنسبة السّواد إلى حام غفلة عن طبيعة الحرّ والبرد وأثرهما في الهواء وفيما يتكوّن فيه من الحيوانات وذلك أنّ هذا اللّون شمل أهل الإقليم الأوّل والثّاني من مزاج هوائهم للحرارة المتضاعفة بالجنوب فإنّ الشّمس تسامت رءوسهم مرّتين في كلّ سنة قريبة إحداهما من الأخرى فتطول المسامتة عامّة الفصول فيكثر الضّوء لأجلها ويلح القيظ الشّديد عليهم وتسودّ جلودهم لإفراط الحرّ ونظير هذين الإقليمين ممّا يقابلهما من الشّمال الإقليم السّابع والسّادس شمل سكّانهما أيضا البياض من مزاج هوائهم للبرد المفرط بالشّمال إذ الشّمس لا تزال بأفقهم في دائرة مرأى العين أو ما قرب منها ولا ترتفع إلى المسامتة ولا ما قرب منها فيضعف الحرّ فيها ويشتدّ البرد عامّة الفصول فتبيضّ ألوان أهلها وتنتهي إلى الزّعورة [1] ويتبع ذلك ما يقتضيه مزاج البرد المفرط من زرقة العيون وبرش الجلود وصهوبة الشّعور وتوسّطت بينهما الأقاليم الثّلاثة الخامس والرّابع والثّالث فكان لها في الاعتدال الّذي هو مزاج المتوسّط حظّ وافر والرّابع أبلغها في الاعتدال غاية لنهايته في التّوسّط كما قدّمناه فكان لأهله من الاعتدال في خلقهم وخلقهم ما اقتضاه مزاج أهويتهم وتبعه من جانبيه الثّالث والخامس وإن لم يبلغا غاية التّوسّط لميل هذا

[1] كلمة ليست من الفصحى وعنى بها شدة البياض.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست